باب القول في حد القاذف
  أبوه، وذلك أن زنى الرجل لا يغير نسب ابنه(١)، فبان أن اعتبار أصحاب أبي حنيفة بالقدح في النسب لا معنى له، وأن الأولى أن يجرى مجرى ولاية الإنكاح.
مسألة: [فيمن قال لجماعة: يا بني الزانية]
  قال: ولو أن رجلاً قال لجماعة: «يا بني الزانية» وكانت أمهم واحدة أقيم عليه الحد، وإن كانت أمهاتهم متفرقات لم يلزمه الحد(٢).
  وذلك أنها إذا كانت واحدة كانت معينة فوجب عليه لها الحد كالقاذف لامرأة بعينها، وإن كن متفرقات لم يكن قذف واحدة بعينها، ولا يصح أن يقال: إنه يحد لأم كل واحد من الجماعة؛ لأنه قذف واحدة، والواحدة لا تكون جماعة، فيكون ذلك قذفاً لا مقذوف له، كمن يقول: «يا زاني» غير مخاطب به أحداً، أو يقول: «هو زان» غير مشير به إلى أحد، فوجب ألا يلزمه الحد.
مسألة: [فيمن قال لرجل: يا ابن الزواني]
  قال: ولو أنه قال لرجل: «يا ابن الزواني» لزمه الحد لأم المقذوف وجداته(٣).
  يلزمه الحد لأمه تطالب به إن كانت حية، أو وليها إن كانت ميتة، وكذا الجدات تطالب بحدها من كانت منهن حية، ومن كانت منهن ميتة يطالب عنها أولياؤها إن كان يمكن الحاكم أن يعرف حالها في الإحصان وشرائطه؛ لأنهن أجمع أمهاته، ألا ترى أنه تعالى لما قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ}[النساء: ٢٣] دخلت الجدات في التحريم كما دخلت الأمهات؟ ولأنهن قد ولدنه، فهن له أمهات.
  فإن قيل: الأم في الحقيقة من ولدته، وتسمية الجدة بالأم(٤) على ضرب من
(١) في (أ، ب، ج، هـ): أبيه.
(٢) الأحكام (٢/ ١٧٥) والمنتخب (٦٣٢).
(٣) الأحكام (٢/ ١٧٥) والمنتخب (٦٣٢).
(٤) في (أ، ج): في الأم.