باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
  وأخبرنا أبو الحسين البروجردي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الدِّينَوَري، قال: حدثنا يزداد بن أسد الدينوري، قال: حدثنا يحيى بن العربان أبو زيد الهروي الخراساني، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ÷: «الأذنان من الرأس».
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا مسدَّد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلاً أتى نبي الله ÷ فقال: كيف الطهور؟ فدعا رسول الله ÷ بماء فتوضأ، فأدخل إصبعيه السبابتين أذنيه، فمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وبالسبابتين باطن أذنيه(١).
  فهذه الأخبار كلها دالة على أن الأذنين من الرأس، وأنهما ممسوحتان مع الرأس بماء واحد.
  فإن قيل: روي عن رسول الله ÷ أنه مسحهما بماء جديد(٢)، وكذلك روي أنه ÷ مسح برأسه وصدغيه ثم مسح أذنيه، ففصل بـ «ثم».
  قيل له: فلا يمتنع أنه فعل ذلك مرة لسبب، أو لأن الماء الذي على يده كان قد جف. ولسنا نقول: إن تجديد الماء محظور، وكذلك لو مسح مقدم رأسه بماء ومؤخره بماء جديد لم يضره، وإنما نقول: إن أخذ الماء الجديد ليس بواجب ولا مسنون، فبطل تعلقهم بما تعلقوا به.
  فإن قالوا: قوله ÷: «الأذنان من الرأس» معناه أنهما ممسوحتان كالرأس.
  قيل له: ذلك خلاف الظاهر، بل هو في المجاز أيضاً بعيد؛ لأن «من» إذا لم تكن لابتداء الغاية ولم(٣) تكن صلة كانت للتبعيض، فظاهره يقتضي أن الأذنين
(١) شرح معاني الآثار (١/ ٣٣).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٢٥٢) بلفظ: فأخذ ماء لأذنيه خلاف الماء الذي مسح به رأسه.
(٣) في (أ): أو لم.