كتاب الحدود
  علي # وعبدالرحمن بن عوف بحد المفتري(١)، وروي أن عمر حين استشار كان في الجماعة علي # وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف، وكانوا في المسجد، فجرى ذلك منهم على سبيل الإجماع.
  فإن قيل: لو كان ما ذكرتموه مبيناً(٢) عن النبي ÷ لم يحتج عمر إلى الاستشارة.
  قيل له: يجوز أن يكون عمر لم يعرفه، أو لا يكون ظهر عنده ظهوراً تاماً، ولا عند أكثر الصحابة، فأعملوا الرأي، فأداهم ذلك إلى موافقة ما حفظ(٣) عن رسول الله ÷ فأجمعوا عليه، فتأكد النقل بما انضاف(٤) إليه من إجماع الصحابة.
  ويؤكد ما ذهبنا إليه: ما روي عن أنس أن النبي ÷ أتي برجل شرب الخمر فأمر به فضرب بحذاءين نحواً من أربعين(٥)، فدل ذلك أيضاً على ثمانين.
  ويدل على ذلك ما رواه عطاء بن [أبي] مروان عن أبيه أن علياً أتي بالنجاشي قد شرب الخمر في رمضان فضربه ثمانين، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين، ثم قال له: (إنما جلدتك هذه العشرين لإفطارك في رمضان وجرأتك على الله ø)(٦).
  ويقال فيه: إنه حدٌ مقدر على الحر فوجب ألا يقدر بأقل من ثمانين قياساً على سائر الحدود، ويقال: لا يجب أن يقتصر به على أربعين. وأيضاً وجدنا الأربعين
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٥٦).
(٢) في (هـ): شيئاً.
(٣) في (هـ): روي. وفيها: «حفظ» نسخة.
(٤) في (أ، ج): يضاف.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٥٣) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٥٧) وفيهما: بجريدتين.
(٦) أخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٠٥) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٥٣).