كتاب الحدود
  حداً للعبيد فوجب ألا يكون ذلك حد الحر؛ دليله الخمسون.
  وسوينا بين حد الخمر والمسكر لأنه لا يفرق أحد بين حديهما، ولأن المسكر عندنا حرام كالخمر، ولأن اسم الخمر يتناوله عندنا؛ لأنه أيضاً يخامر العقل، وروي عن بعض الصحابة أنه قال: لا أشرب نبيذ الخمر بعد أن أتي رسول الله ÷ بسكران فقال: يا رسول الله، ما شربت الخمر، إنما شربت نبيذ التمر والزبيب في دباء(١)، فأمر به النبي ÷ فنهز بالأيدي وخفق بالنعال(٢).
  قال: وسواء شرب منه قليلاً أو كثيراً(٣).
  أما قليل الخمر فلا خلاف فيه، وأما قليل المسكر فهو عندنا مثل قليل الخمر؛ إذ قد دل الدليل على تحريم المسكر على ما نبينه في كتاب الأشربة. على أن كل من قال بتحريم قليل ما أسكر كثيره(٤) أوجب فيه الحد، وقد صح ذلك وثبت، فوجب أن يحد في قليله كما يحد في كثيره، وذكر يحيى(٥) # أنه بلغه أن علياً # كان يجلد في قليل ما أسكر كثيره كما يجلد في الكثير، وذكر(٦) عنه أنه كان يقول: (لا أجد أحداً يشرب الخمر والنبيذ المسكر(٧) إلا جلدته الحد)(٨).
(١) في المخطوطات: وعاء.
(*) الدُّبَّاء: الآنية من القرع اليابس، وهي من الآنية التي يشتد الشراب بسرعة إذا وضع فيها.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (١٧/ ٣٩٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٥٠).
(*) في المخطوطات: فبهز بالأيدي وخصف بالنعال.
(٣) الأحكام (٢/ ١٩٨).
(٤) لفظ شرح القاضي زيد: والوجه فيه ما بيناه في كتاب الأشربة أن المسكر كالخمر في تحريم شربه، وكل من ذهب إلى هذا فإنه يذهب إلى إيجاب الحد في قليله وكثيره.
(٥) الأحكام (٢/ ١٩٩).
(٦) الأحكام (٢/ ١٩٩).
(٧) في المخطوطات: والمسكر. وشكل على الواو في (د)، والصواب حذفها كما في الأحكام وسنن البيهقي.
(٨) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٤٣).