باب القول في حد السارق
  قيل له: كذلك نقول، وهو ÷ لم يقل: لا قطع(١) حتى يكون ما يسرقه جماعة السراق بحيث يخص(٢) كل واحد منهم عشرة دراهم، وإنما قال: «لا قطع(٣) فيما دون عشرة»، ونحن لا نقطع حتى يكون المسروق عشرة دراهم. وهذا جوابنا لمن قال: روي لم تكن اليد تقطع على عهد رسول الله ÷ في الشيء التافه؛ لأن القطع لم يحصل في الشيء التافه.
  على أن القطع إنما يتعلق بهتك الحرز لمقدار مخصوص، فإذا حصلا وجب القطع، ولا يجب أن يعتبر عدد السراق؛ لأن القطع لا يتعلق بهم، ولأنهم لا حق لهم في المسروق.
مسألة: [في جماعة اجتمعوا لسرقة فكور المتاع بعضهم وحمله بعضهم وأخرجه من الحرز بعضهم]
  قال: ولو أن جماعة اجتمعوا في دار للسرق فكور المتاع أحدهم، وحمله بعضهم، وأخرجه من الحرز بعضهم - لكان القطع على الذين أخرجوه من الحرز، وأدب الباقون(٤).
  وبه قال الشافعي. قال أبو حنيفة: يقطع الجميع.
  ويدل على ما ذهبنا إليه: قول الله ø: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزْرَ أُخْرَيٰۖ}[الأنعام: ١٦٤] وقوله ø: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَاۖ}[الأنعام: ١٦٤] وقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] ولا سارق في جملتهم إلا من أخرج المسروق من الحرز، فوجب ألا يكون القطع لازماً غيره. وأيضاً الباقون لم يخرجوا المسروق من الحرز، فوجب ألا يلزمهم القطع؛ دليله لو لم يكونوا دخلوا الحرز.
(١) في (ب، هـ): أقطع.
(٢) في (هـ): يختص.
(٣) في (ب، هـ): أقطع.
(٤) الأحكام (٢/ ١٨٧).