شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد السارق

صفحة 259 - الجزء 5

  يوضح ذلك: أن جميعهم لو دخلوا الحرز ولم يخرجوا شيئاً لم يلزمهم القطع، والعلة أنهم لم يهتكوا الحرز بإخراج المتاع. يكشف ذلك أن جماعة لو اجتمعوا على قتل رجل فتولى القتل بعضهم لم يلزم القود إلا من تولى القتل، وكذلك لو اجتمعوا على الزنا⁣(⁣١) بامرأة فزنى بعضهم لم يستحق الحد إلا من زنى، فكذلك في مسألتنا لا يستحق القطع إلا من أخرج من الحرز، والعلة أنه هو المتولي للجناية الموجبة للحد.

  فإن قيل: إنهم اشتركوا في السبب - وهو دخول الحرز - فوجب أن يشتركوا في القطع.

  قيل له: دخول الحرز ليس بسبب عندنا للقطع؛ لأن سارقاً لو أدخل يده إلى الحرز فأخرج منه المال لزمه القطع. على أنه لو كان سبباً كان بعض السبب، والقطع لا يتعلق إلا بمجموع السبب، ألا ترى أن رجلين لو اشتركا في مال فكان لأحدهما نصاب وللآخر دون ذلك، أو حال الحول على مال أحدهما ولم يحل على مال الآخر - لم تلزمه الزكاة كما لزمت شريكه؛ لأنه يشاركه⁣(⁣٢) في بعض السبب؟ كذلك ما اختلفنا فيه.

  وقلنا: يؤدب الباقون لأن جنايتهم عظمت فاستحقوا التعزير.

مسألة: [في سارقين وقف أحدهما على باب الحرز من خارج وناوله الآخر المتاع من داخل]

  قال: ولو أن جلين اجتمعا على سرق شيء فدخل أحدهما ووقف الآخر عند الباب فتناول المسروق من يد من في الدار نظر في أمرهما: فإن كان الداخل أخرج المتاع من الباب ثم تناوله الخارج كان القطع على الداخل دون الخارج، وإن كان الخارج أدخل يده إلى الداخل فأخذ⁣(⁣٣) المتاع من الداخل وأخرجه من الباب كان القطع على الخارج دون الداخل. وعلى من لا قطع عليه منهما الأدب⁣(⁣٤).


(١) «على الزنا» ساقط من (د).

(٢) في (هـ): شارك.

(٣) في (أ، ج): فأخرج.

(٤) الأحكام (٢/ ١٨٧).