باب القول في حد السارق
  له في الدخول على سيده في أكثر الأحوال عرفاً، وماله غير محرز منه، فأشبه الخائن في سقوط القطع عنه. وأيضاً ملك العبد ملك سيده، فيجب أن تكون يدُه يدَه، وعلى هذا لا يكون الشيء خرج من يد مالكه حكماً، يبين ذلك: أن ما يوجد في يد العبد كأنه موجود في يد سيده حكماً. وأيضاً القطع إنما هو لصيانة الأموال، ولا وجه لصيانة ماله بإضاعة ماله.
  قال: ولو أنه سرق من مال مشاع بين سيده وبين آخر ما يجب فيه القطع لم يلزمه القطع(١).
  ووجهه: أن المال وإن كان مشاعاً بين سيده وبين شريك سيده فإن كون نصيب سيده فيه يصير شبهة في درء القطع، كمن وطئ جارية بينه وبين شريكه يصير الشرك شبهة يدرأ بها عنه الحد.
  على أنه إذا أخذ ذلك صار المأخوذ كأنه نصيب سيده، ألا ترى أنه لو استهلكه(٢) لم يلزم الشريك أن يقاسم سيده ما بقي عنده، فيصير في الحكم كأنه أخذ سيده منه نصيبه، فوجب ألا يلزمه القطع.
  فأما إذا أخذ منه فوق ما لسيده بمقدار ما(٣) يجب فيه القطع لزمه القطع؛ لأن ذلك مال الغير، وشبهة الشركة قد زالت.
  قال: ومن وجدت عنده السرقة فلا قطع عليه، وإنما يقضى عليه بردها إن كانت قائمة بعينها، أو ضمانها إن كان استهلكها(٤).
  وذلك أن القطع على ما بيناه يجب بهتك الحرز(٥)، وليس يجب بقبض السرقة وإمساكها وتناولها إذا لم يكن هتك الحرز، ومن وجدت عنده يجوز أن يكون
(١) الأحكام (٢/ ١٨٩).
(٢) في (د): استهلك.
(٣) «ما» ساقط من (ب، د).
(٤) الأحكام (٢/ ١٩٢).
(٥) في (أ، ب، ج، هـ): على ما بيناه يجب بهتك الحرز على ما بيناه.