باب القول في حد السارق
  وحكى أبو بكر(١) عن أبي يوسف أنه يقطع في كل شيء إلا التراب والسرقين والطين.
  والذي يجيء على أصولنا أن الطين الذي يعد مالاً كالطين الأرمني والطين المختوم الذي يتداوى به والخراساني منه يجب فيه القطع؛ لأن كل ذلك مما يتمول ويقوم(٢) ويعز ويباع وزناً.
مسألة: [في المسلم يسرق خمر الذمي]
  قال: ولو أن مسلماً سرق من ذمي خمراً في بلد يجوز للذمي أن يسكن فيه لزمه القطع، فإن سرق ذلك منه في بلد لا يجوز للذمي أن يسكن فيه لم يلزمه القطع(٣).
  قال أبو حنيفة: لا قطع فيها. وأظنه قول الشافعي.
  ووجه ما ذهبنا إليه: عموم قوله ø: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] وأيضاً هو مال لهم، ونحن قبلنا عهدهم على ألا يمنعوا من أموالهم، فالسارق لها سارق مالٍ يلزمه القطع.
  فإن قيل: هي وإن كانت مالاً لهم فليست مالاً لنا.
  قيل له: إنما نعتبر أن يكون المال مالاً للمسروق منه دون السارق، فلا معنى لهذا الاعتبار.
  فأما إذا سرق في بلد لا يجوز لهم أن يسكنوه فلا قطع؛ لأنه متعد بإدخال الخمر إليه، وللمسلم أن يتناولها ويريقها(٤)، فصار بمنزلة من سرقها من مسلم في أنه لا قطع عليه فيها؛ لأن له فيها حق الأخذ للإراقة.
(١) شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٢٩٨).
(٢) «ويقوم» ساقط من (أ، ج). وفي (ب، د): ويقوم بعد ويباع. وفي (هـ): ويقوم بعز ويباع.
(٣) الأحكام (٢/ ١٨٩).
(٤) في (أ، ج): أو يريقها.