باب القول في حد السارق
مسألة: [في حكم من قطع الطريق في المصر]
  قال: وحكم من قطع الطريق في المصر حكم السارق، ولا يكون حكمه حكم المحارب(١).
  وهذا مما لا أعرف فيه خلافاً؛ لأن حكم المحاربين إنما هو في الذين يقطعون الطريق بحيث لا يمكن الاستغاثة بالمسلمين، فأما المكابرون في المصر فإنهم(٢) يجري عليهم أحكام السراق إن سرقوا، أو أحكام(٣) المختلسين إن اختلسوا، أو المنتهبين(٤) إذا انتهبوا.
مسألة: [في سرقة الأب من مال الابن والابن من مال الأب]
  قال: ولا قطع على الأب فيما سرق من مال ابنه، وعلى الابن القطع فيما سرق من مال أبيه(٥).
  أما الأب إذا سرق [من مال] ابنه فلا أعرف خلافاً في أنه لا قطع عليه.
  ووجهه: حصول الشبهة فيما تناول؛ لقوله ÷: «أنت ومالك لأبيك» فأضاف المال إلى أبيه، فصار ذلك أقل ما فيه شبهة يدرأ بها عنه القطع.
  وأما الابن فقد قال أبو حنيفة: إنه لا يقطع إذا سرق مال أبيه، وكذا قوله في كل ذي رحم محرم. وذلك لا معنى له عندنا؛ لأنه سارق، ولا شبهة له(٦) فيما سرق، ألا ترى أن الأب لو زنى بجارية ابنه سقط عنه الحد للشبهة، ولو زنى الابن بجارية أبيه لم يسقط الحد عنه؟ فكذلك القطع.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَلَا عَلَيٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِنۢ بِيُوتِكُمْ
(١) المنتخب (٦١٨).
(٢) في (هـ): فإنه.
(٣) في (هـ): وأحكام.
(٤) في (هـ): وأحكام المنتهبين.
(٥) الأحكام (٢/ ١٧٤) والمنتخب (٦٢٢).
(٦) «له» ساقط من (أ، ب، ج، د).