شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن يقتل حدا

صفحة 289 - الجزء 5

  رسول الله، فقال: ما كان ذلك لأحد بعد رسول الله ÷(⁣١). ولم يرو خلاف ذلك عن أحد من الصحابة، فصار ذلك إجماعاً، فثبتت ردة من سبه ÷.

  قال: ويستحب أن يستتاب كل واحد منهم ثلاثة أيام، فإن أبى التوبة قتل بعد الثلاثة.

  وعند أبي حنيفة والشافعي أيضاً يستتاب. وحكي عن الإمامية أنه إن كان مسلماً ابن مسلم لم يستتب، فإن كان أسلم هو بنفسه استتيب. وعن قوم من أصحاب الحديث أن ردته إن ثبتت بالشهادة لم يستتب، وإن ثبتت بإقراره استتيب. وقال قوم في الباطنية: إنهم لا يستتابون؛ لأنهم أبداً على إظهار الإسلام.

  والدليل على وجوب الاستتابة قول الله تعالى: {قُل لِّلذِينَ كَفَرُواْ إِنْ يَّنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨] فأمر ø نبيه أن يقول لهم ذلك، وهذا معنى الاستتابة، ولم يخص كافراً من كافر، فكان عاماً في جميع الكفار.

  ووجه استتابته⁣(⁣٢) ثلاثة أيام - والمراد بالاستحباب هو تكرار الاستتابة ثلاثة أيام - أن الله جعل ذلك في القريب بقوله⁣(⁣٣) في قصة صالح: {وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٞ قَرِيبٞۖ ٦٣} ثم قال ø: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِے دَارِكُمْ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٖۖ}⁣[هو: ٦٥] وذلك أيضاً بمعنى الاستتابة، وقال موسى صلى الله عليه لصاحبه في الثالثة: {قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِے عُذْراٗۖ ٧٥}⁣[الكهف: ٧٦] فدل ذلك على أن العذر في الثالث.

  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه كان يستتيب المرتد ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتله وقسم ماله بين ورثته من المسلمين⁣(⁣٤)، فعم ولم


(١) أخرجه أبو داود (٣/ ١٣٣) والنسائي (٧/ ١١١).

(٢) في (ب، د، هـ): الاستتابة.

(٣) في (هـ): في قوله.

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٤١).