شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن يقتل حدا

صفحة 290 - الجزء 5

  يخص. وروي عن عمر وابن عباس أنه يستتاب ثلاثة أيام ويحبس. وروي عن عمر أنه قال في مرتد: هلا حبستموه في بيت ثلاثاً وأطعمتموه⁣(⁣١) كل يوم رغيفاً [واستتبتموه] لعله يرجع أو يتوب، اللهم إني لم أشهد ولم أرض⁣(⁣٢).

  وأما الباطنية فالأقرب عندي أنهم يستتابون؛ لأن أحوالهم مثل أحوال المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله ÷؛ لأنهم كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وكانت كلمة الكفر تبدر منهم في الوقت بعد الوقت كما تبدر من الباطنية، فكانوا إذا أتوا رسول الله ÷ تبرأوا من ذلك وتستروا بالإسلام، فأجرى رسول الله ÷ أمرهم على الظاهر، ولم يأمر بقتلهم، فالأقرب عندي أن يجري أمر الباطنية على هذا، والله أعلم، فإن اتفق منهم من يظهر ما في نفسه ويصر عليه فإنه يقتل كما يقتل المرتد.

مسألة: [في حد المحارب]

  قال: والمحارب الذي يحمل السلاح ويخيف المسلمين ويعزم على قطع الطريق ينفى من الأرض، ومعنى النفي الطرد من بلد إلى بلد، وإن أخذ من قبل أن يحدث حدثاً عزر على ما يراه الإمام، وإن أخذه وراء أخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، وإن ظفر به وقد قتل قتل ثم صلب، ولا يصلب حياً⁣(⁣٣).

  والأصل في ذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ اُ۬لذِينَ يُحَارِبُونَ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ ...} الآية [المائدة: ٣٣] واختلف الناس في هذه الآية، فمنهم من قال: إنها نزلت في المشركين، ومنهم من قال: إنها نزلت في أهل الإسلام، وبه قال يحيى # وأبو حنيفة والشافعي، قال يحيى بن الحسين: إنها نزلت في شأن قوم من


(١) في (أ، ب، ج، د): فأطعمتموه.

(٢) أخرجه مالك في الموطأ (٤/ ١٠٦٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٥٩).

(٣) الأحكام (٢/ ١٩٥) والمنتخب (٦٣٦).