شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن يقتل حدا

صفحة 291 - الجزء 5

  بجيلة، وذكر أنهم كانوا آخر العرب إسلاماً، ولم يقل: إنها نزلت فيهم، قال: وإنما نزلت فيمن فعل مثل فعلهم؛ لأنه ذكر أنها نزلت بعد ما كان منهم ما كان من قتل الرعاء واستياق الإبل، وبعدما عاقبهم النبي ÷ بأن قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وطرحهم في الشمس فماتوا، فكان هذه⁣(⁣١) الآية نزلت فيمن فعل مثل أفعالهم ناسخة لما كان النبي ÷ فعله بهم.

  والمسلم والذمي في ذلك على سواء، كما أنهم يتساوون في سائر الحدود.

  فإن قيل: اسم المحاربة لله ورسوله لا يتناول أهل الملة.

  قيل له: ذلك غير ممتنع؛ لأن الله ø لا يحارب في الحقيقة، وإنما المحاربة له ø هو محاربة المسلمين، وروي عن علي # عن النبي ÷: «من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة»⁣(⁣٢).

  وروى زيد بن أرقم أن النبي ÷ قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين $: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم»⁣(⁣٣) ولم يشترط في شيء من ذلك الردة والكفر. وقال الله تعالى في الربا: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٖ مِّنَ اَ۬للَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ}⁣[البقرة: ٢٧٨] على⁣(⁣٤) أنه إذا ثبت أن اسم المحاربة يجوز أن يتناول الذمي والملي والمشرك وجب أن تكون الآية عامة في الجميع.

  وتحصيل مذهب يحيى #: أن من حمل السلاح وأخاف المسلمين في غير المصر وحاول قطع الطريق إذا أخذه الإمام أدبه، ثم طرده وغربه من بلد إلى بلد حتى يبعد، وإن لم يؤخذ أتبع بالخيل والرجال⁣(⁣٥) حتى يبعد، والفرق بين أن


(١) في (هـ): فهذه الآية.

(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٣٢٠) وأخرج نحوه البخاري (٨/ ١٠٥).

(٣) أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (٥٢١) وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٣٧٨) والطبراني في الصغير (٢/ ٢٣).

(٤) كذا في المخطوطات.

(٥) في (هـ): والرجل.