باب القول فيمن يقتل حدا
  بجيلة، وذكر أنهم كانوا آخر العرب إسلاماً، ولم يقل: إنها نزلت فيهم، قال: وإنما نزلت فيمن فعل مثل فعلهم؛ لأنه ذكر أنها نزلت بعد ما كان منهم ما كان من قتل الرعاء واستياق الإبل، وبعدما عاقبهم النبي ÷ بأن قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وطرحهم في الشمس فماتوا، فكان هذه(١) الآية نزلت فيمن فعل مثل أفعالهم ناسخة لما كان النبي ÷ فعله بهم.
  والمسلم والذمي في ذلك على سواء، كما أنهم يتساوون في سائر الحدود.
  فإن قيل: اسم المحاربة لله ورسوله لا يتناول أهل الملة.
  قيل له: ذلك غير ممتنع؛ لأن الله ø لا يحارب في الحقيقة، وإنما المحاربة له ø هو محاربة المسلمين، وروي عن علي # عن النبي ÷: «من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة»(٢).
  وروى زيد بن أرقم أن النبي ÷ قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين $: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم»(٣) ولم يشترط في شيء من ذلك الردة والكفر. وقال الله تعالى في الربا: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٖ مِّنَ اَ۬للَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ}[البقرة: ٢٧٨] على(٤) أنه إذا ثبت أن اسم المحاربة يجوز أن يتناول الذمي والملي والمشرك وجب أن تكون الآية عامة في الجميع.
  وتحصيل مذهب يحيى #: أن من حمل السلاح وأخاف المسلمين في غير المصر وحاول قطع الطريق إذا أخذه الإمام أدبه، ثم طرده وغربه من بلد إلى بلد حتى يبعد، وإن لم يؤخذ أتبع بالخيل والرجال(٥) حتى يبعد، والفرق بين أن
(١) في (هـ): فهذه الآية.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٣٢٠) وأخرج نحوه البخاري (٨/ ١٠٥).
(٣) أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (٥٢١) وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٣٧٨) والطبراني في الصغير (٢/ ٢٣).
(٤) كذا في المخطوطات.
(٥) في (هـ): والرجل.