باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
  أما في النفس وفيما زاد على الثلث من الدية فقد أجمع المسلمون على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وأما الثلث فما دونه فقد ذهب مالك وسعيد بن المسيب إلى أن المرأة تعاقل(١) الرجل فيه.
  وحكي أن الشافعي به كان يقول(٢) ثم رجع عنه إلى ما ذهب إليه سائر العلماء من أنهم ذهبوا إلى أن دية المرأة على النصف من دية الرجل في جميع الجراحات قل أو كثر.
  والحجة في ذلك: ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ قال: (جراحة المرأة على النصف من جراحات الرجل في كل شيء، لا تساوي بينهما في سن ولا موضحة ولا غيرهما)(٣).
  وروى محمد بن منصور عن الشعبي قال: كان علي # يجعل جراحة المرأة على النصف من جراحات الرجل لا يسوي بينهما في شيء من الجراحات ولا الخدش(٤).
  وإذ قد أجمعوا على أن ما زاد على الثلث من جراحات النساء فهي على النصف من جراحات الرجال وجب في الثلث فما دونه أن يكون كذلك؛ لأنها أيضاً جراحات مقدرات أو غير مقدرات.
  على أن الأصول تشهد لنا؛ لأن قيم المتلفات لا تنفصل بين الثلث وبين ما يكون أكثر من الثلث.
  وروى أن ربيعة الرأي قال لسعيد بن المسيب: ما تقول فيمن قطع إصبع امرأة؟ قال: فيها عشر من الإبل. قال: فإن قطع إصبعين؟ قال: عشرون. قال:
(١) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٦/ ١٠): وقال أهل المدينة: عقلها مثل عقل الرجل في الثلث وما دونه.
(٢) في (هـ): أن الشافعي كان يقول به.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٣).
(٤) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٢٦).