شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة

صفحة 327 - الجزء 5

  وأما تقديرها بخمسمائة فوجهه أنه لا قول إلا قول من قال: إن القيمة بالغة ما بلغت، أو قال: إن القيمة مقدرة، ولا يجوز القول إن قيمتها بالغة ما بلغت؛ لأنه يؤدي إلى أن تكون دية الجنين عشرين ألفاً أو أكثر، فتكون دية الجنين أكثر من دية الحي⁣(⁣١)، وهذا خلاف موضوع الشرع، فإذا بطل ذلك فلا بد من التقدير، وكل من قدر قال: إنها خمسمائة درهم أو نصف عشر الدية.

  قال: فإن طرحته حياً ثم مات وجبت فيه الدية كاملة⁣(⁣٢).

  وذلك أن دية الصغير والكبير واحدة، وهذا ما لا⁣(⁣٣) خلاف فيه.

  قال: وإن قتلت المرأة وفي بطنها ولدٌ ولم ينفصل فلا شيء سوى ديتها⁣(⁣٤).

  وهذا أيضاً مما لا خلاف فيه؛ لأنه لا حكم للجنين ما لم ينفصل عن الأم.

  قال: وإن انفصل ميتاً وجبت فيه الغرة مع دية الأم⁣(⁣٥).

  قال أبو حنيفة: إن انفصل بعد موت الأم فلا شيء فيه. وأظن الشافعي يوجب فيه الغرة مع دية الأم⁣(⁣٦) كما قلناه.

  والدليل على صحة ذلك قوله ÷ وقد قال له حمل بن مالك: كيف ندي من لا شرب ولا أكل، ولا صاح ولا استهل، فمثل ذلك يُطَل⁣(⁣٧)؟ فقال: «أسجع كسجع الأعراب؟ فيه غرة عبد أو أمة» فخرج الكلام فيمن له صفة مخصوصة، فكان ذلك عاماً فيمن انفصل قبل موت أمه أو بعده، فخرج الجواب على ذلك فقال: «فيه غرة عبد أو أمة» فوجب ما قلناه. وأيضاً لم يرو أن رسول الله ÷ سأل عن حال الجنين أخرج والأم حية أم لا؟ فدل ذلك على أنه لا فرق بينهما. وهو


(١) في (أ، ج): الحر.

(٢) الأحكام (٢/ ٢٢٣) والمنتخب (٦٠٨).

(٣) في (هـ): مما.

(٤) الأحكام (٢/ ٢٣٣).

(٥) الأحكام (٢/ ٢٣٣).

(٦) «مع دية الأم» ساقط من (أ، ج).

(٧) أي: يهدر. (نهاية ٣/ ١٣٦).