باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
  وأما تقديرها بخمسمائة فوجهه أنه لا قول إلا قول من قال: إن القيمة بالغة ما بلغت، أو قال: إن القيمة مقدرة، ولا يجوز القول إن قيمتها بالغة ما بلغت؛ لأنه يؤدي إلى أن تكون دية الجنين عشرين ألفاً أو أكثر، فتكون دية الجنين أكثر من دية الحي(١)، وهذا خلاف موضوع الشرع، فإذا بطل ذلك فلا بد من التقدير، وكل من قدر قال: إنها خمسمائة درهم أو نصف عشر الدية.
  قال: فإن طرحته حياً ثم مات وجبت فيه الدية كاملة(٢).
  وذلك أن دية الصغير والكبير واحدة، وهذا ما لا(٣) خلاف فيه.
  قال: وإن قتلت المرأة وفي بطنها ولدٌ ولم ينفصل فلا شيء سوى ديتها(٤).
  وهذا أيضاً مما لا خلاف فيه؛ لأنه لا حكم للجنين ما لم ينفصل عن الأم.
  قال: وإن انفصل ميتاً وجبت فيه الغرة مع دية الأم(٥).
  قال أبو حنيفة: إن انفصل بعد موت الأم فلا شيء فيه. وأظن الشافعي يوجب فيه الغرة مع دية الأم(٦) كما قلناه.
  والدليل على صحة ذلك قوله ÷ وقد قال له حمل بن مالك: كيف ندي من لا شرب ولا أكل، ولا صاح ولا استهل، فمثل ذلك يُطَل(٧)؟ فقال: «أسجع كسجع الأعراب؟ فيه غرة عبد أو أمة» فخرج الكلام فيمن له صفة مخصوصة، فكان ذلك عاماً فيمن انفصل قبل موت أمه أو بعده، فخرج الجواب على ذلك فقال: «فيه غرة عبد أو أمة» فوجب ما قلناه. وأيضاً لم يرو أن رسول الله ÷ سأل عن حال الجنين أخرج والأم حية أم لا؟ فدل ذلك على أنه لا فرق بينهما. وهو
(١) في (أ، ج): الحر.
(٢) الأحكام (٢/ ٢٢٣) والمنتخب (٦٠٨).
(٣) في (هـ): مما.
(٤) الأحكام (٢/ ٢٣٣).
(٥) الأحكام (٢/ ٢٣٣).
(٦) «مع دية الأم» ساقط من (أ، ج).
(٧) أي: يهدر. (نهاية ٣/ ١٣٦).