شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 269 - الجزء 1

  وضوء غير مرتب فيه اليمنى على اليسرى، فلو كان النبي ÷ قال ذلك في وضوء غير مرتب أصلاً أو في وضوء غير مرتب فيه اليمنى على اليسرى لوجب ألا يجزئ الوضوء إلا كذلك، وفي علمنا أن المرتب على ما نذهب إليه جائز - بل هو الأولى عند المخالفين - دليلٌ على أن قوله ÷ يخرج عليه.

  ويدل على وجوب ترتيب اليمنى على اليسرى: ما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله ÷: «إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم»⁣(⁣١)، وروي عنه أيضاً: «إذا لبستم أو توضأتم فابدؤوا بميامنكم»⁣(⁣٢).

  فإن قيل: روي عن علي # أنه قال: (ما أبالي بأي أعضائي بدأت إذا أتممت الوضوء)⁣(⁣٣)، وهذا يبطل قولكم.

  قيل له: معناه عندنا إذا عدت فيه فأثبته على الترتيب؛ لأنه قال: إذا أتممت، والإتمام هو الإتيان به على الترتيب.

  ويدل على صحة هذا التأويل: أنه لا خلاف في أن المستحب هو الترتيب، وأن تركه ليس بسنة، ولا يجوز أن يقول علي #: لا أبالي بترك المستحب والعدول عن السنة، فبان أنه أراد به ما قلناه.

  ويدل على ذلك من طريق النظر: أنها عبادة تبطل بالحدث، فيجب أن يكون الترتيب من شرط صحتها فيما رتب بالواو، قياساً على الصلاة، ويمكن أن يقاس على الصلاة أيضاً بعلة أخرى، وهي أنها عبادة ارتبط بعضها ببعض، ونسق بعضها على بعض بالواو. ويمكن أيضاً أن يقاس عليها بأنها عبادة تعود إلى شطرها في حال العذر مع القدرة عليها.

  فإن عارضوا قياسنا بقياسهم الوضوء على الاغتسال بعلة أنها طهارة رجحنا


(١) أخرجه ابن ماجه (١/ ١٤١).

(٢) أخرجه أبو داود (٤/ ١١٩).

(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (١/ ١٥٣) والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٤٠).