باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
  قياسنا باستناده إلى الظواهر التي ذكرناها، وبالحظر، والاحتياط، وبأنه يفيد شرعاً، وبفعل الكافة من لدن الصحابة إلى يومنا هذا.
فصل: [في أن الواجب من الوضوء مرة مرة والثانية والثالثة سنة]
  ما ذكرنا من أن فرض الوضوء مرة مرة والثانية والثالثة فضل وسنة - منصوصٌ عليه في المنتخب(١)، ولا خلاف فيه إلا في موضعين:
  أحدهما: ما تذهب إليه الإمامية أن المستحب منه مرتان وأن الثالثة لا معنى لها.
  والثاني: ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن تكرير مسح الرأس غير مستحب.
  والذي يفسد جميع ذلك ويصحح ما ذهبنا إليه: ما أخبرنا به محمد بن عثمان، قال: حدثنا الناصر، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن أبي كريب، عن عبد الرحيم، قال: حدثنا شريك، عن ثابت الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر، قال: توضأ رسول الله ÷ مرةً مرةً، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً.
  وذلك عام في جميع الوضوء، فدخل فيه مسح الرأس كما دخل غيره.
  وفيه الحديث المشهور أن رسول الله ÷ توضأ مرةً مرةً وقال: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به» ثم توضأ مرتين مرتين وقال: «هذا وضوء من يضاعف الله له حسناته مرتين» ثم توضأ ثلاثاً [ثلاثاً(٢)] وقال: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي».
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: أخبرنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا حسين بن نصر، قال: حدثنا الفريابي، حدثنا زائدة بن قُدَامة، قال: حدثنا علقمة بن خالد أو خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي # أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: (هذا وضوء رسول الله ÷)(٣).
(١) المنتخب (٦٢).
(٢) ما بين المعقوفين من (ب).
(٣) شرح معاني الآثار (١/ ٢٩)، وفيه: هذا طهور ... إلخ.