باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
  ووجه ما ذكره في المنتخب: أنه آدمي قتل فيجب ألا يزاد عوضه على الدية الكاملة قياساً على الحر. وأيضاً قد ثبت في يده إذا قطعت أو رجله أو عينه إذا فقئت أنها يجب فيها النصف من عوضه عند يحيى # والشافعي، ونستدل عليه فيما بعد أن الذي يجب فيه(١) النصف من ديته، فوجب ألا تزاد ديته على دية الحر قياساً على الحر. وأيضاً هو محقون الدم على التأبيد، فوجب ألا تزاد ديته على الدية الكاملة؛ دليله الحر. ولأنا وجدنا العبد يتجاذبه أصلان: أحدهما: البهيمة، والثاني: الحر، فكان قياسه على الحر أولى من قياسه على البهيمة؛ لأنه به أشبه؛ من حيث يجمعهما التكليف، وحقن الدم على التأبيد، ولزوم الكفارة في قتله، ولأن الحرية يجوز أن تطرأ عليه دون البهيمة، ولأنا وجدنا العبد يوازي الحر في بعض الأحوال وينقص عن الحر في بعضها، ولم نجد في شيء من الأصول له حالة يزيد فيها على الأحرار، فكانت الأصول شاهدة لما قلناه، وناقضة لما قالوه من جواز أن تزاد قيمته إذا قتل على دية الحر.
  وأيضاً هذا القول يؤدي إلى أن تكون الحرية سبباً للنقص في شخص واحد، وهو عكس الشرع، وذلك أن عبداً قيمته عشرون ألفاً لو قتل وهو عبدٌ فعندهم أن الواجب عشرون ألفاً، ولو أعتق ثم قتل كان الواجب فيه عشرة آلاف، فتكون الحرية سبباً للنقص في شخص واحد.
  ووجه ما في الأحكام: أنه مالٌ يباع ويشترى فأشبه البهيمة في أن في قتله قيمته بالغة ما بلغت، ولأن ضمان الغصب وضمان القتل يستوي في الحر(٢) والبهيمة، فلا وجه لأن نقول: إن ضمان العبد يختلف في الغصب والقتل.
  وهذا غير صحيح؛ لأن الحر والعبد قد يخالف ضمانُ قتلهما ضمان غصبهما
(١) «فيه» ساقط من (أ، ج، هـ).
(٢) الحر لا يضمن بالغصب، فينظر.