شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في تحديد الدية وكيفية أخذها

صفحة 345 - الجزء 5

  ونحن نوجبها فيه أرباعاً، وقد مضى الكلام في هذا، ولم يبق بيننا وبينه كلام لا في التغليظ ولا في غير التغليظ لما مضى.

  وأما محمد والشافعي فإنهما ذهبا في التغليظ إلى أنه ثلاثون جذعة، وثلاثون حقة، وأربعون [ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها]⁣(⁣١) خلفة في بطونها أولادها.

  ووجه منعنا من التغليظ ما بيناه من أن أسنان إبل الدية لا يمكن إثباتها إلا بالتوقيف أو الاتفاق كما لا يجوز إثبات عددها إلا كذلك، وهذا التغليظ لم يحصل عليه اتفاق ولا ورد فيه توقيف، فوجب ترك القول به.

  فإن قيل: المقدار⁣(⁣٢) ورد التوقيف به، وذلك ما روي عن النبي ÷ يوم فتح مكة: «ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا والحجر الدية مغلظة [مائة من الإبل، منها] أربعون خلفة في بطونها أولادها».

  قيل له: هذا الخبر لم يقبله كثير من العلماء، وذلك أن مالكاً أنكر شبه العمد مثل قولنا وقال⁣(⁣٣): ليس إلا عمد أو خطأ، وأبو حنيفة وأبو يوسف أيضاً لم يعملا به؛ لأنهما قالا في التغليظ بغير ما في هذا الخبر، والشافعي قد يوجب القود بالحجر الكبير والعصا الذي مثله يقتل.

  ثم اختلفت الصحابة في التغليظ، فروي عن عبدالله بن مسعود أرباعاً مثل قول أبي حنيفة وأبي يوسف⁣(⁣٤)، وروي عن علي # [وعمر] وأبي موسى والمغيرة مثل قول محمد والشافعي⁣(⁣٥)، وروي عن علي # رواية أخرى، وهي


(١) ما بين المعقوفين من شرح مختصر الطحاوي (٥/ ٤٢٨) نقلاً لمذهب محمد.

(٢) في (أ، ب، ج، د): المقدور.

(٣) في (أ، ب، ج، د): أو قال.

(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٣٤٧).

(٥) أخرجه عن عمر وأبي موسى والمغيرة ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٣٤٧، ٣٤٨) وقال البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٢٢): أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس الأصم، أنبا الربيع، أنبا الشافعي | قال: وروي عن علي بن أبي طالب ¥ مثل ما قلنا.