شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يلزم العاقلة

صفحة 352 - الجزء 5

  فإن قيل: ما كان في عمده القصاص فيجب أن تحمل⁣(⁣١) خطأه العاقلة.

  قيل له: ليس الاعتبار بذلك، ألا ترى أن العاقلة تعقل ما لا قصاص في عمده، وهو الجائفة والآمة والمنقلة؟

  فإن قيل: فإن⁣(⁣٢) غرمت العاقلة نصف العشر فقد غرمت ما دونه.

  قيل له: لا يمتنع أن تغرم مقداراً ولا تغرم ما دونه على الانفراد، ألا ترى أن القطع يجب في مقدار مخصوص فيكون قد قطع فيما دونه، ولو انفرد ما دونه لم يجب له القطع؟ على أن تحمل العاقلة إنما هو مواساة، فوجب أن يكون له مقدار مخصوص، كالزكاة لما كانت مواساة وجب أن يكون تعلقها بمقدار مخصوص.

  وحكي عن مالك أن العاقلة لا تعقل ما دون الثلث، والذي يسقط قوله ما روي أن النبي ÷ قضى بالغرة على العاقلة، وهي نصف عشر الدية.

  فإن قيل: فما تقولون في العشرة لو اجتمعوا على موضحة أليس تحمل ديتها العاقلة؟

  قيل له: هذا ليس بمحفوظ عن أصحابنا، والأقرب أن العاقلة لا تحمله؛ لأن ما يخص كل واحد منهم يسير.

  ووجه رواية المنتخب: أن العاقلة حملت الدية لحرمة النفس، والقليل والكثير فيه سواء، أو يقال: إذا حصل الاتفاق على نصف العشر أو الثلث أن العاقلة تحمله كذلك ما دونه؛ لأنه مما يتعلق بالنفس؛ ألا ترى أن ما يتعلق بالأموال لا تحمله العاقلة قل أو كثر؟ فوجب أن تتحمل ما يتعلق بالنفس قل أو كثر.


(١) في (أ، ج): تحتمل.

(٢) في (أ، ج، هـ): فإذا.