باب القول فيما يلزم العاقلة
مسألة: [في أن العاقلة لا تحمل دية العمد ولا دية ثبتت صلحاً]
  قال: ولا تعقل العاقلة دية شيء من العمد، ولا دية ثبتت صلحاً(١).
  وذلك مما لا خلاف فيه، وقد قدمنا ما رواه زيد بن علي عن علي #: (لا تعقل العاقلة عمداً ولا صلحاً ولا اعترافاً) على أن المواساة وجبت للمخطئ؛ لأنه لم يتعمد الجناية، فمن تعمدها فلا وجه لأن تتحمل عنه. والصلح أيضاً يجري مجرى العمد؛ لأنه قاصدٌ إلى الجناية(٢) فأشبه العمد.
مسألة: [في أن عاقلة السيد لا تحمل جناية عبده، وأن الحر إذا جنى على عبد خطأ حملت عاقلته الدية]
  قال: ولو أن عبداً جنى جناية لم تعقلها عاقلة سيده عنه.
  وذلك لأن فعل العبد ليس بفعل سيده، ألا ترى أنه هو المعاقب عليه، وأنه إن كان عمداً لزمه القصاص دون سيده؟ فلم يجب أن تتحمله عاقلة سيده؛ لأنهم ليسوا عواقل للعبد، والعبد هو الجاني، والعاقلة لا تتحمل إلا عمن هي عاقلة له دون من سواه.
  قال: وإذا جنى الحر على العبد خطأ كانت الدية على عاقلة الجاني(٣).
  وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وروي عن أبي يوسف أنه قال: هي من مال الجاني؛ لأنه جعل الجناية على العبد كالجناية على سائر الأموال على أصله في إيجاب قيمته بالغة ما بلغت.
  ووجهه: أنها بدل النفس، فوجب أن تتحمله العاقلة كدية الحر، ولأن الدلالة قد دلت على أن العبد لا يجري في الجناية عليه مجرى الأموال، في أن(٤)
(١) الأحكام (٢/ ٢٢٤) والمنتخب (٥٨٧).
(٢) لفظ شرح القاضي زيد: والاعتراف والصلح يجريان مجرى العمد؛ لأنه قاصد إلى التزام الدية.
(٣) الأحكام (٢/ ٢٢٥).
(٤) في (هـ): وأن.