شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يلزم العاقلة

صفحة 354 - الجزء 5

  قيمته لا تزاد على دية الحر، وفي أن أعضاءه تقسط على قيمته كما قسطت أعضاء الحر على ديته، فثبت أن حكمه حكم الحر، ولأن القصاص يتعلق به، فيقص له، ويقتص منه، فيجب⁣(⁣١) أن يجري في العقل مجرى الأحرار.

  وحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أن ما جناه الحر على العبد فيما دون النفس فالعاقلة لا تتحمله؛ لأن ضمانه ضمان الأموال. وليس ذلك كذلك؛ لأن في عينه نصف قيمته، وفي إحدى يديه نصف قيمته، فبان أن ضمانه ضمان الأحرار دون ضمان الأموال، فبطل ما قالوه. وقد قال أبو حنيفة: لو فقأ عينيه⁣(⁣٢) كان صاحبه بالخيار: إن شاء أمسكه ولا شيء له غيره، وإن شاء سلمه وأخذ من الجاني قيمته. فجعله أسوأ حالاً من البهيمة؛ لأن صاحبها له أن يمسكها ويأخذ ما نقصت منها الجناية، والذي دعاه إلى هذا أنه قال: لا يجتمع عند صاحبه عينٌ وبدلها، وهذا قد بينا الكلام فيه فيما تقدم، فلا معنى لإعادته.

  على أنه يوجب في إحدى عينيه أو إحدى يديه أو رجليه نصف قيمته، فيقال له: كيف جاز أن تحصل له العين ونصف قيمتها؟ فإن جاز ذلك فلم لا يجوز أن تحصل له العين وجميع قيمتها؟

مسألة: [في أن العاقلة لا تعقل شيئاً من البهائم والعروض]

  قال: ولا تعقل العاقلة شيئاً من البهائم والعروض⁣(⁣٣).

  وهذا ما لا خلاف فيه؛ لأن العاقلة إنما تتحمل النفس فقط.


(١) في (هـ): فوجب.

(٢) في (أ، ج، د): عينه.

(٣) المنتخب (٥٩٤).