شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يلزم العاقلة

صفحة 355 - الجزء 5

مسألة: [في تفسير العاقلة]

  قال: والعاقلة فهي العشيرة⁣(⁣١).

  اعلم أن المراد بهذا⁣(⁣٢) أنهم هم العصبة، الأدنون منهم فالأدنون الذين بلغوا إلى حد يحتمل الدية أجمع، وذلك ما⁣(⁣٣) لا أحفظ فيه خلافاً، ولأنه روي عن النبي ÷ أنه جعل دية المرأة التي قتلتها الأخرى على عصبة القاتلة، ولأن عمر قال لعلي # حين قال في المجهضة: (إن كانوا قد عرفوا فقد غشوك، وإن كانوا لم يعرفوا فقد جهلوا⁣(⁣٤)): أقسمت عليك لتجعلنها على قومك، يعني قريشاً⁣(⁣٥)، ولأن النبي ÷ قضى بالإرث لأهله، وقضى بالدية على العاقلة دون أهل الميراث.

  وبه قال الشافعي. قال أبو حنيفة: العاقلة هم أهل الديوان، واحتج بعمر أنه قضى بالعقل عليهم.

  قيل له: إن النبي ÷ قضى بالدية على العاقلة، ولا ديوان في عصره، فعلم أنهم هم العصبة على ما روي عنه ÷، وما روي عن عمر يجوز أن يكون المراد به: جعلها على العصبة الذين جمعهم الديوان لكونهم عشيرة وعصبة لا لكونهم من أهل الديوان، فيكون موافقاً لقضاء رسول الله ÷، والعقل موضوع على النصرة؛ لهذا لا تدخل فيه المرأة ولا الصبي، وقد علمنا أن التناصر كان في القبائل.

  فإن قيل: فإن عمر جعل التناصر بين أهل كل ديوان.


(١) الأحكام (٢/ ٢١٩) والمنتخب (٥٨٦).

(٢) في (أ، ج): بها.

(٣) في (هـ): مما.

(٤) سيأتي بلفظ: إن كانوا جهلوا فقد أخطؤوا.

(٥) أخرج نحوه عبدالرزاق في المصنف (٩/ ٤٥٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٠٤).