باب القول فيما يلزم العاقلة
مسألة: [في تفسير العاقلة]
  قال: والعاقلة فهي العشيرة(١).
  اعلم أن المراد بهذا(٢) أنهم هم العصبة، الأدنون منهم فالأدنون الذين بلغوا إلى حد يحتمل الدية أجمع، وذلك ما(٣) لا أحفظ فيه خلافاً، ولأنه روي عن النبي ÷ أنه جعل دية المرأة التي قتلتها الأخرى على عصبة القاتلة، ولأن عمر قال لعلي # حين قال في المجهضة: (إن كانوا قد عرفوا فقد غشوك، وإن كانوا لم يعرفوا فقد جهلوا(٤)): أقسمت عليك لتجعلنها على قومك، يعني قريشاً(٥)، ولأن النبي ÷ قضى بالإرث لأهله، وقضى بالدية على العاقلة دون أهل الميراث.
  وبه قال الشافعي. قال أبو حنيفة: العاقلة هم أهل الديوان، واحتج بعمر أنه قضى بالعقل عليهم.
  قيل له: إن النبي ÷ قضى بالدية على العاقلة، ولا ديوان في عصره، فعلم أنهم هم العصبة على ما روي عنه ÷، وما روي عن عمر يجوز أن يكون المراد به: جعلها على العصبة الذين جمعهم الديوان لكونهم عشيرة وعصبة لا لكونهم من أهل الديوان، فيكون موافقاً لقضاء رسول الله ÷، والعقل موضوع على النصرة؛ لهذا لا تدخل فيه المرأة ولا الصبي، وقد علمنا أن التناصر كان في القبائل.
  فإن قيل: فإن عمر جعل التناصر بين أهل كل ديوان.
(١) الأحكام (٢/ ٢١٩) والمنتخب (٥٨٦).
(٢) في (أ، ج): بها.
(٣) في (هـ): مما.
(٤) سيأتي بلفظ: إن كانوا جهلوا فقد أخطؤوا.
(٥) أخرج نحوه عبدالرزاق في المصنف (٩/ ٤٥٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٠٤).