شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن

صفحة 387 - الجزء 5

  الغصب فإنه يكون ضامناً لها كما يضمن المغصوب؛ لأنه لا يخلو أخذها من أن يكون لصاحبها أو لنفسه، فإن كان أخذها لصاحبها فهي بمنزلة الضالة، وإن أخذها لنفسه يكون غاصباً⁣(⁣١). وتحديده تلك⁣(⁣٢) الليلة لأن الغالب أنه لا يمكن ردها حتى يصبح، وأنه إذا أصبح أمكن ذلك، فأما إن أمكن ردها تلك الليلة فإنه يكون بحبسها غاصباً ويضمن، وإن لم يمكن ردها إذا أصبح لم يكن بإمساكها غاصباً ولم يضمن، ونكتة الباب ما ذكرنا.

مسألة: [فيمن دفع غيره على ثوب فانخرق]

  قال: ولو أن رجلاً دفع آخر على ثوب فانخرق ضمنه الدافع دون المدفوع إلا أن يكون فيه للمدفوع جناية⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن المدفوع بمنزلة الآلة، فكأن الدافع ألقى عليه حجراً أو نحوه حتى خرقه؛ لأن المدفوع يجري مجرى الحجر في ذلك، إلا أن يكون منه جناية أيضاً فيه كأن يرسل نفسه أو يعتمد عليه أو يتحرك حركة تؤثر في ذلك فيضمن بقدر ذلك⁣(⁣٤).

مسألة: [فيمن أشعل ناراً في زرع له في أرضه فتعدت إلى زرع غيره]

  قال القاسم #: لو أن رجلاً أشعل النار في زرع له في أرضه فتعدت النار إلى زرع غيره لم يضمن.

  ووجهه: أن الإحراق ليس بفعل له، وإنما فعله وضع النار في الزرع، وهو لم يكن متعدياً في وضع النار الذي كان سبباً للإحراق، فلم يجب أن يضمنه، كما أن رجلاً لو وضع حجراً في داره أو حفر بئراً في ملكه فعثر بالحجر عاثر أو وقع في


(١) في (هـ): غصبا.

(٢) في (هـ): بتلك.

(٣) الأحكام (٢/ ٢٣٨).

(٤) في (ب، د): فيضمن بعد ذلك.