شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن

صفحة 389 - الجزء 5

  يجري مجرى الإذن لهم فيما يتفق منهم، والله أعلم.

  قال: إلا أن يكونوا غير عالمين بالصنعة.

  وذلك أن إبراءهم إنما كان بشرط أن يجتهدوا مع العلم بذلك، فإذا لم يكونوا من أهل البصر كانوا قد غروا، فيجب أن يضمنوا كما يضمن سائر من تعدى.

مسألة: [في جناية الجدار المائل إلى غير الملك]

  قال: وإذا وقع الجدار على طريق من طرق المسلمين فعنت تحته عانت ضمن صاحب الجدار إن كان قد علم قبل ذلك بفساد الجدار وميلانه وتركه على ذلك، وإن لم يكن علم ذلك قبل أن يقع فلا ضمان عليه⁣(⁣١).

  لا خلاف أنه يضمن ما تلف بسقوط الجدار من نفس أو عضو أو مال، وإنما اختلفوا فيه متى يكون ضامناً، فقال أبو حنيفة: لا يضمن حتى يتقدم إليه برفعه وإصلاحه، وسواء تقدم إليه به الحاكم أو أحد ممن له فيه حق الاستطراق، فإذا⁣(⁣٢) كان ذلك وتركه مع إمكان الإصلاح صار ضامناً.

  قال: ويشهد عليه، والإشهاد إنما هو لخوف التجاحد، فأما وجوب الضمان فيما بينه وبين الله ø فيكفي أن يتقدم إليه.

  وحكى ابن أبي هريرة نحو ذلك عن مالك، وقال ابن أبي هريرة: هو ضامن على كل حال؛ لأنه متعدٍ، كأنه حكاه عن الشافعي.

  واشترط أصحابنا أن يكون قد علم بذلك، وذلك أن ميلانه إلى الطريق ليس بفعل له، ولا تعدى في فعل سببه؛ لأنه إن كان بناه فلم يتعد في بنائه، وإن كان مَلَكَه قائماً فلم يتعد في تملكه، فيجب ألا يضمن متى سقط من غير أن يعلم ميلانه ويتمكن من رفعه وإصلاحه، ألا ترى أن الريح لو أسقطته وهو منتصبٌ غير مائل لم يضمنه؟ فكذلك إذا مال ولم يعلم به؛ لأن الميل يحصل عند إسقاط


(١) الأحكام (٢/ ٢٣٥).

(٢) في (ب، هـ): وأما إذا. وفي (د): فأما إذا.