شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن

صفحة 390 - الجزء 5

  الريح إياه أولاً ثم يسقط، ولكن لا يضمنه إذا لم يعلم ولم يتمكن، فأما إذا علم وتمكن ثم ترك على تلك الحال فإنما⁣(⁣١) يكون متعدياً بتركه على تلك الحال؛ فلذلك يكون ضامناً.

  فإن قيل: فلم قلتم: إنه يكون متعدياً إذا لم يتقدم إليه بذلك؟

  قيل له: لأن الحاكم إذا علم بذلك وجب عليه التقدم بإزالته دفعاً للأذى عن طريق المسلمين، فإن أبى أكرهه عليه أو فعله بغيره، فلولا أنه واجبٌ لم يحسن للحاكم أن يفعل ذلك، وإذا ثبت أن الحاكم يحسن منه بل يجب إكراهه عليه ثبت أنه واجبٌ عليه؛ [لأن الحاكم لا يجوز أن يكره أحداً إلا على ما هو واجب عليه]⁣(⁣٢).

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يصير واجباً عليه بأمر الحاكم له؟

  قيل له: ولو لم يكن واجباً عليه قبل الأمر لم يحسن الأمر به على طريق الإيجاب، وأيضاً روي: «لا يكون الرجل مؤمناً حتى يأمن جاره بوائقه»⁣(⁣٣) وهذا من بوائقه، فيجب عليه أن يأمن جاره منه.

  فأما إن مال على ملكه فلا يضمن شيئاً من ذلك إن سقط؛ لأنه غير متعدٍ فيه.

  ومما يدل على تعديه متى علم بميلانه على الطريق وتركه أنه يكون قد شغل بميلانه هواء ما لا يملكه من الطريق، فمتى تركه على ذلك كان متعدياً؛ لأنه ليس له أن يدع ملكه يشغل ملك غيره؛ لأنه إذا ذاك يجري مجرى فعله.


(١) كذا في المخطوطات. ولعلها: فإنه.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (د).

(٣) أخرجه المرشد بالله في الخميسية (١/ ٥١) وأخرج نحوه مسلم (١/ ٦٨).