باب القول في القصاص
  ذهبنا إليه؛ لأن النبي ÷ جعل الخيار في ذلك إلى ولي الدم.
  وروي أيضاً عن أبي شريح الخزاعي أن النبي ÷ قال: «من أصيب بقتل أو خَبْل فإنه يختار(١) إحدى ثلاث: إما أن يقتص، أو يعفو، وإما أن يأخذ الدية»(٢) ساوى بين القتل والخبل(٣)، والخبل الجراح، فدل على ما ذهبنا إليه في القتل والجراح جميعاً نصاً.
  ويدل على ذلك قول الله ø بعد ذكر القصاص وإيجابه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُۥ مِنْ أَخِيهِ شَےْءٞ ...} الآية [البقرة: ١٧٨] فعين(٤) أن بعد العفو(٥) مالاً يجب، وذلك الدية بعد العفو عن القصاص، وهو نص ما ذهبنا إليه. وقوله: {ذَٰلِكَ تَخْفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمْ} معناه على ما روي أن بني إسرائيل لم يكن فيهم إلا القصاص، فسهل الله على هذه الأمة بما شرع لهم من العدول عن القصاص إلى الدية.
  فإن قيل: العفو في اللغة يستعمل في التسهيل والتخفيف، كما قال الله ø: {۞خُذِ اِ۬لْعَفْوَ}[الأعراف: ١٩٩] ولقوله ÷: «وآخر الوقت عفو الله» وإذا كان ذلك كذلك فالمراد بقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُۥ مِنْ أَخِيهِ شَےْءٞ} أي: عفا القاتل وسهل وسمح ببذل الدية.
  قيل له: هذا وإن كان مستعملاً في اللغة فهو ضرب من التوسع؛ لأن الحقيقة في العفو إنما هو إسقاط حق قد وجب، وذلك لا يصح متى حمل على الحقيقة في القصاص على ما بيناه، وروي عن ابن عباس قال: لم يكن في بني إسرائيل غير القصاص، ولم تكن فيهم الدية، قال ابن عباس: فالعفو أن يقبل الولي(٦) الدية
(١) في (أ، ج): فأهله بخيار.
(٢) أخرجه أبو داود في السنن (٣/ ١٧٣) والطبراني في الكبير (٢٢/ ١٨٩).
(٣) «والخبل» ساقط من (أ، ب، ج، د)، وظنن به في (د).
(٤) «فعين» ساقط من (ب، د).
(٥) «العفو» ساقط من (ب، د).
(٦) «الولي» ساقط من (هـ).