شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الديات

صفحة 421 - الجزء 5

  وقضى بديتها على العاقلة.

  قيل له: لا يمتنع أن تكون رمتها بحجر لا يقتل مثله فقتلتها به؛ فلهذا أوجب الدية، ونحن لا ننكر ذلك، على أنه روي أنها ضربتها بعمود فسطاط، وروي أنه ÷ أمر بقتلها مكانها⁣(⁣١)، فمن أمر بقتلها كان يجوز أن تكون قتلت بما يقتل به غالباً، ومن ألزمت الدية يجوز أن تكون قتلت بما لا يقتل مثله غالباً.

  فإن قيل: لما قال: «قتيل⁣(⁣٢) العمد الخطأ» دل ذلك على أنه يضمن العمد إلى القتل.

  قيل له: عن هذا جوابان: أحدهما: ما بيناه أنه أراد العمد، وإنما قال: الخطأ لأن القاتل لا يبعد ألا يكون⁣(⁣٣) له قصدٌ إلى القتل.

  والثاني: أن العمد يتضمن عمداً إلى شيء ما، وليس في الخبر ما ذلك الشيء، فيجوز أن يكون أراد العمد إلى الضرب فرقاً بينه وبين أن يقصد غيره فيصيبه فإن ذلك لا يكون عمداً إلى الضرب ولا إلى القتل. وأيضاً لا خلاف أن⁣(⁣٤) من قتل بما له حد أو أحرق حتى قتل فإنه⁣(⁣٥) يقاد منه، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أنه مما يقتل به غالباً. وأيضاً قد علمنا أن أصحاب الحروب يعدون الحجر كالسلاح في أنهم يحاولون القتل به، وكذلك الأتراك يقاتلون في الحروب بالأعمدة، ويسمونها اللتوت⁣(⁣٦)، فقد بان أن هذه الأشياء قائمة مقام السيف، ومنها أيضاً ما هو أنكى من السيوف إذا ضرب به، فصح أن الاعتبار إنما هو بما


(١) أخرجه أبو داود في السنن (٣/ ١٦٥، ١٩٦) والنسائي (٨/ ٢١).

(٢) في (أ، ب، ج، هـ): قتل.

(٣) في (هـ): أن يكون.

(٤) «لا خلاف أن» ساقط من (ب، د).

(٥) في (ب، د، هـ): أنه.

(٦) في (هـ): الكتوت.