باب القول في القصاص
مسألة: [فيمن خنق رجلاً بيده أو بحبل أو وتر حتى قتله]
  قال: ولو أن رجلاً خنق رجلاً بيده أو بحبل أو وترٍ حتى قتله كان عليه القود(١).
  والأصل فيه: ما بيناه فيما مضى من أن القود يجب فيما يقتل به غالباً، وقد ثبت أن الخنق يقتل به كما يقتل بالسيف، فوجب أن يكون حكمه حكمه، والظواهر التي توجب القصاص يمكن أن يتعلق بها لإيجاب القصاص من الخنق.
مسألة: [في كيفية القصاص]
  قال: ولو أن رجلاً قتل رجلاً عمداً بسهم رماه أو جرح جرحه أو ضربة ضربه بها كان الواجب لأولياء الدم أن يضربوا عنقه، ولم يكن لهم أن يفعلوا به ما فعل هو بمن قتله(٢).
  وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يفعل به ما فعل هو بمن قتله.
  والدليل على صحة ما قلناه: قوله ÷: «لا قود إلا بالسيف» وروي: «لا قود إلا بحديدة»(٣) فمنع ÷ القود إلا بحديدة، وروى عنه #: «إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وإذا قتلتم فأحسنوا القتل» والمراد به التوحية(٤)، ونهى رسول الله ÷ عن المثلة، وقال: «لا تمثلوا بآدمي ولا بهيمة»(٥) ونهى أن يجعل ذو الروح غرضاً، وكل ذلك مما يجوز أن يتفق مثله من القاتل، وقد نهينا عن فعله، فعلم أن القود يجب أن يكون بضرب العنق؛ لأنه أوحى للقتل وأقله تعذيباً.
(١) المنتخب (٦٠٢).
(٢) في (أ، ج): ما فعل هو بصاحبهم.
(*) المنتخب (٥٩٥).
(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٧٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١١٠).
(٤) أي: الإسراع. (من هامش هـ).
(٥) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٧) وفي أمالي الإمام أبي طالب (٣٩٩) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ١٥٤).