شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في القصاص

صفحة 424 - الجزء 5

  فإن قيل: فقد قال الله ø: {وَجَزَٰٓؤُا سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثْلُهَاۖ}⁣[الشورى: ٤٠].

  قيل له: ما نهى عنه ÷ صار مخصوصاً من الآية، وعلى هذا يجب الجواب⁣(⁣١) إن سألوا عن قوله: {فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اَ۪عْتَدَيٰ عَلَيْكُمْۖ}⁣[البقرة: ١٩٤].

  فإن قيل: فقد روي أن رسول الله ÷ أمر باليهودي الذي كان رضخ رأس الجارية بين الحجرين فماتت أن يرضخ رأسه بين حجرين حتى مات.

  قيل له: يجوز أن يكون فعل ذلك قبل نسخ المثلة، كما فعل بالعرنيين من سمل الأعين والطرح لهم في الشمس إلى أن ماتوا ثم نسخ ذلك، ودل على نسخه الأخبار التي قدمناها. ولا خلاف أن من قتل بالسيف فقوده بالسيف، كذلك من قتل بغيره، والعلة أنه قود. ويقال لهم: لا يخلو من أن يكون القاتل⁣(⁣٢) استحق⁣(⁣٣) عليه القتل فقط، أو يكون استحق عليه أن يفعل به مثل ما فعل هو بالقتيل، أو يكون استحق الجميع، ولا يجوز أن يكون استحق ذلك مع القتل؛ لأنه يكون فعل به أكثر مما فعل بصاحبه؛ لأنه إذا كان قطع يداً من رجلٍ فمات من ذلك لو استحق أن تقطع يده ثم إذا لم يمت استحق القتل بالسيف كان قد استحق أكثر مما فعل، وهذا مما لا يجوز، ألا ترى أنه لا خلاف بين المسلمين أن الآمة والجائفة لا قصاص فيهما؛ إذ لا يؤمن أن يلحق الجاني أكثر مما يستحقه بفعله من الألم؟

  ولا يجوز أن يكون الذي استحقه هو أن يفعل به ما فعل لوجهين: أحدهما: أنه قد لا يكون مضبوطاً مقداره على التحقيق، فلا يجوز أن يستحقه كما لا يجوز أن يستحق القصاص في الآمة والجائفة وسائر الجراحات التي هي غير الموضحة والإبانة من المفصل.


(١) «الجواب» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٢) في (هـ): لا يخلو القاتل من أن يكون.

(٣) في (ب، د، هـ): يستحق.