شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز

صفحة 448 - الجزء 5

  جاز للموصي أن يرجع فيما أوصى ما دام حياً مع تأكيد حاله فأولى أن يجوز للورثة الرجوع عن⁣(⁣١) الإجازة.

مسألة: [في جواز الوصية بالإشارة ممن أصمت إذا علم أن عقله ثابت]

  قال: ولو أن عليلاً أصمت فقيل له: أعتق عبدك، أو أوص بكذا؛ فأشار برأسه إشارة تفهم أنه يريد ذلك جازت الوصية إذا علم أن عقله ثابتٌ⁣(⁣٢).

  وذلك أنه لا يصح منه في تلك الحال إلا الإشارة مع اضطراره إلى الوصية، فأشبه⁣(⁣٣) الأخرس.

  فإن قيل: فالأخرس تجوز سائر عقوده وإيقاعاته، فهل تجيزون جميع ذلك للعليل بالإشارة؟

  قيل له: لا نجيز ذلك؛ لأن العليل إنما يضطر في تلك الحال إلى الوصية، والأخرس يضطر إلى جميع ذلك. على أنه ليس يبعد أن نقول على قياس قول يحيى: إنه إن اضطر إلى غير ذلك جاز ذلك بالإشارة، يوضح ذلك ما روي أن يهودياً عدا على جارية فأخذ أوضاحها ورضخ رأسها بين حجرين، فقال رسول الله ÷: «أقتلك فلان؟» لغير ذلك اليهودي، فأشارت برأسها لا، ثم قال: «ففلان؟» لآخر؛ فأشارت برأسها: لا، ثم قال: «ففلان؟» يعني قاتلها؛ فأشارت: نعم؛ فأمر به ÷ فرضخ رأسه بين حجرين، فجعل ÷ إشارتها بنعم بعد ما تعرف⁣(⁣٤) تمييزها دعوى. ويدل على ذلك حديث أمامة بنت أبي العاص.

  حكى الطحاوي⁣(⁣٥) نحو قولنا عن الليث.


(١) في (أ، ب، ج، د) ونسخة في (هـ): من.

(٢) الأحكام (٢/ ٣٣٦).

(٣) في (أ، ب، ج، د): قياسه، ولعله تصحيف.

(٤) في (هـ): عرف.

(٥) مختصر اختلاف الفقهاء (٥/ ٦٥).