باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز
  جاز للموصي أن يرجع فيما أوصى ما دام حياً مع تأكيد حاله فأولى أن يجوز للورثة الرجوع عن(١) الإجازة.
مسألة: [في جواز الوصية بالإشارة ممن أصمت إذا علم أن عقله ثابت]
  قال: ولو أن عليلاً أصمت فقيل له: أعتق عبدك، أو أوص بكذا؛ فأشار برأسه إشارة تفهم أنه يريد ذلك جازت الوصية إذا علم أن عقله ثابتٌ(٢).
  وذلك أنه لا يصح منه في تلك الحال إلا الإشارة مع اضطراره إلى الوصية، فأشبه(٣) الأخرس.
  فإن قيل: فالأخرس تجوز سائر عقوده وإيقاعاته، فهل تجيزون جميع ذلك للعليل بالإشارة؟
  قيل له: لا نجيز ذلك؛ لأن العليل إنما يضطر في تلك الحال إلى الوصية، والأخرس يضطر إلى جميع ذلك. على أنه ليس يبعد أن نقول على قياس قول يحيى: إنه إن اضطر إلى غير ذلك جاز ذلك بالإشارة، يوضح ذلك ما روي أن يهودياً عدا على جارية فأخذ أوضاحها ورضخ رأسها بين حجرين، فقال رسول الله ÷: «أقتلك فلان؟» لغير ذلك اليهودي، فأشارت برأسها لا، ثم قال: «ففلان؟» لآخر؛ فأشارت برأسها: لا، ثم قال: «ففلان؟» يعني قاتلها؛ فأشارت: نعم؛ فأمر به ÷ فرضخ رأسه بين حجرين، فجعل ÷ إشارتها بنعم بعد ما تعرف(٤) تمييزها دعوى. ويدل على ذلك حديث أمامة بنت أبي العاص.
  حكى الطحاوي(٥) نحو قولنا عن الليث.
(١) في (أ، ب، ج، د) ونسخة في (هـ): من.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٣٦).
(٣) في (أ، ب، ج، د): قياسه، ولعله تصحيف.
(٤) في (هـ): عرف.
(٥) مختصر اختلاف الفقهاء (٥/ ٦٥).