باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز
مسألة: [في تصرف العليل]
  قال: وللعليل أن يهب من ماله ما شاء ويعتق من مماليكه من أحب ما دامت العلة خفيفة، فإذا اشتدت العلة وخيف عليه لم يجز من ذلك إلا مقدار الثلث(١).
  وهذه الجملة مما لا أحفظ فيها خلافاً؛ لأن خفيف العلة لا إشكال أن حكمها حكم الصحة؛ لأنه لا يخاف منه الموت، فسبيله سبيل الصحة، كالفالج، والشلل، والنقرس، فالاعتبار بخوف الموت، ونص الطحاوي على الفالج والشلل أنهما بمنزلة الصحة(٢)، فإذا كانت العلة مما يخاف منها الموت فيجب أن يراعى فيما يأتيه الثلث.
مسألة: [في تصرف الحامل والملاقي للقتال]
  قال: وكذلك الحامل لها ذلك في أول الحمل، فإذا تجاوزت ستة أشهر لم يجز لها إلا الثلث، وكذلك من زحف للحرب له ذلك ما لم يصاف عدواً أو يباشر قتالاً، فإذا كان ذلك لم يجز فعله إلا في الثلث(٣).
  قال أبو حنيفة والشافعي في الحامل: إنها بمنزلة الصحيح حتى يضربها الطلق، ثم تكون في حكم المريض. وقال أبو حنيفة: من بارز رجلاً أو قدم ليقتل في قصاص أو ليرجم للزنا(٤) فهو بمنزلة المريض. وقول مالك والليث مثل قولنا، كل ذلك حكاه الطحاوي في اختلاف الفقهاء(٥)، وحكى عن ابن المسيب أن الحامل والغازي تصرفهما(٦) من الثلث. وعن ابن حي والثوري: إذا التقى الصفان فما صنع فهو وصية.
(١) الأحكام (٢/ ٣٣٣).
(٢) شرح مختصر الطحاوي (٤/ ١٧٥) ولفظه: الفالج والسل الذي قد تطاول بمنزلة الصحة.
(٣) الأحكام (٢/ ٣٣٣، ٣٣٤).
(٤) في (هـ): في الزنا.
(٥) مختصر اختلاف الفقهاء (٥/ ٦٧).
(٦) لفظ مختصر اختلاف الفقهاء: صدقتهما.