شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الوصايا

صفحة 457 - الجزء 5

  لقاتل الخطأ تجوز في ماله دون ديته، وقاتل العمد تبطل وصيته في المال والدية.

  والأصح عندي من مذهب يحيى وظاهر⁣(⁣١) ما يدل عليه قوله الفرق بين تقدم الجناية وتقدم⁣(⁣٢) الوصية؛ لأنه سئل عن رجل ضرب رجلاً بسيف فعفا المضروب قبل أن يموت فقال: عفوه وصية تجوز من الثلث، وبعيد أن يكون أراد به المخطئ؛ لأن من يضرب غيره بالسيف يبعد أن يكون مخطئاً، فإجازته إنما هي لتقدم الجناية على ظاهر قوله. وسئل أيضاً عن رجلٍ أوصى لرجلِ بثلث ماله ثم قتله قال: لا تجوز له الوصية؛ لأنها لا تجوز للقاتل، فأبطل الوصية لما تأخرت الجناية وتقدمت الوصية، فيجب أن يكون ظاهر مذهبه ما ذكرناه.

  ووجهه: أن إبطال الوصية عقوبة، فإذا أوصى بعد الجناية فكأنه عفا له عن هذه العقوبة، فيجب أن تصح الوصية إذاً لزوال السبب الموجب لإبطالها، وتحمل⁣(⁣٣) الأخبار الواردة في هذا الباب على من أوصي له ثم قتل.

  فإن قيل: فما تقول فيمن أوصى لرجلٍ ثم جرحه الموصى له فعفا المجروح هل تكون وصيته صحيحة؟

  قيل له: لا تصح وصيته⁣(⁣٤)؛ لأنه حين جرح أبطل وصيته متى كان جرحاً يؤدي إلى التلف، فعفوه بعد ذلك لا يعيد الوصية، إلا أن يستأنف الموصي الوصية فتصح له، فعلى هذا يجب أن يجري هذا الباب، والله أعلم.


(١) في (هـ): من مذهب يحيى كظاهر.

(٢) في (، ج): أو تقدم.

(٣) في (أ، ج): وتحتمل.

(٤) في (ب، د، هـ): لا تكون وصيته صحيحة.