باب القول في أحكام الوصايا
مسألة: [في الوصية بثلث المال كله أو بمال معين]
  قال: وإذا أوصى الرجل بثلث ماله كله من ناض وعرض وعقار كان الموصى له شريكاً لورثته فيها، يضرب معهم بثلث جميع ذلك، وليس للورثة أن يعطوه عوضاً(١) عن شيء من ذلك إلا بمراضاته(٢).
  ووجهه: أنه صار شريكاً للورثة في جميع التركة؛ لاستحقاقه بالوصية جزءاً من التركة معلوماً شائعاً فيها فأشبه الوارث(٣)، وإن كان استحقاق الوارث من جهة الإرث واستحقاقه من جهة الوصية(٤)، وهذا مما لا أحفظ فيه خلافاً.
  قال: وإن أوصى له بمالٍ معروف لم يكن لهم شريكاً في سائر الأموال، ولزمهم أن يبيعوا منها ما يوفي الرجل ما أوصى له به(٥).
  وهذا كما قال لا يكون شريكاً للورثة؛ إذ لم يوص له بجزءٍ معلوم شائع في التركة، وإنما أوصى له بشيء معين، وهذا يكون على ثلاثة أوجه:
  أحدها: أن يوصي له بشيء معين، كأن يوصي بعبدٍ أو دارٍ أو ثوبٍ بعينه، فلا يستحق إلا ما أوصى به، فإن تلف ذلك الشيء قبل الوصول إلى الموصى له بطلت الوصية.
  والوجه الثاني: أن يوصي له بعبدٍ مطلق، أو ثوبٍ أو دار(٦) غير معين، فله من ذلك ما يختاره الورثة، إن كان في مال الميت دفع إليه، وإن لم يكن في مال الميت اشتُري له ودفع إليه.
  والوجه الثالث: أن يوصي له بدراهم مرسلة أو دنانير أو شيءٍ مما يكال أو
(١) في (ب، د، هـ): عرضاً.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٣٧).
(٣) في أنه يجب أن يكون مشاركاً لسائر الورثة في جميعها. (شرح القاضي زيد).
(٤) في (ب، د): فأشبه الوارث وإن كان استحقاق الوارث لا من جهة الوصية.
(٥) الأحكام (٢/ ٣٣٨).
(٦) في (أ، ج، هـ) ونسخة في (د): جارية. وفي (ب): أو ثوب أو جارية أو دار.