شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الفرائض

صفحة 18 - الجزء 6

  واعلم أن أصول الفرائض مبنية على نصوص في الكتاب، وبعضها على سنن واردة، وبعضها على إجماعات كانت من الصحابة، وبعضها على طرق المقاييس والاجتهاد، والمخالف لنا إذا علم أنه مخالفنا في مسألة لا نص فيها من القرآن طالب بالنص، وإذا علم أن طريقه الإجماع طالب بالنص أو السنة، وإذا علم أن طريقه الاجتهاد طالب بالنص أو السنة أو الإجماع، وهذا لا يفعله إلا جاهل أو مداهن يريد التلبيس على ضعفاء العامة، نعوذ بالله من ذلك.

  وربما تعلقوا بقول الله ø: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ اَ۬لْوَٰلِدَٰنِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ اَ۬لْوَٰلِدَٰنِ وَالْأَقْرَبُونَ}⁣[النساء: ٧]، وهذه آية مجملة لا دليل فيها لبعض المذاهب دون بعض، وإنما فيها بيان فساد ما كانت العرب تفعله في جاهليتها من منع النساء الميراث.

  واعلم أن القوم قد أبطلوا حكم الآية رأساً؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةٞ فَلَهَا اَ۬لنِّصْفُۖ}⁣[النساء: ١١]، وهم لا يعطونها النصف فقط في شيء من المسائل؛ لأنهم إما أن ينقصوها أو يزيدوها، فإذا أردت أن تعرف ذلك فتتبع مسائلهم، فهل يكون رفع حكم الآية إلا هذا؟ والله المستعان.

  ورأيت بعض جهال متأخريهم يقول أشياء سخيفة ناقضة لمذهب الناصر، فعلمت أنه لا يميز بين ما له مما عليه ولا يبالي بدينه، كأن يقول: قد أجمع الجميع على أن الابنة وارثة، واختلفوا في ابن العم معها، فالمجمع عليه أولى. فعرّفته أن الإجماع إنما حصل في النصف أن⁣(⁣١) الابنة ترثه، وذلك لا يؤثر في النصف الباقي⁣(⁣٢)، ثم هو ناقض لمذهب الناصر؛ لأنه يورث الخال مع العم، والعم وارث بالإجماع، والخال ممن يذهب كثير من المسلمين إلى أنه لا يرث بتة، وكذلك يورث الجد أبا الأم مع الإخوة من الأم، ويسقط الإخوة والأخوات مع ابنة الابنة.


(١) في (أ، ج): لأن.

(٢) في (هـ): الثاني.