شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نواقض الوضوء

صفحة 287 - الجزء 1

  ومن المعلوم أن ابن عباس لا يخالف ما يرويه عن النبي ÷، فيجب أن يكون عرف من قول النبي ÷ التأويل الذي قلناه.

  واحتجاج الشافعي وأصحابه بحديث أنس: «أنهم كانوا ينامون خلف رسول الله ÷ جلوساً ثم يقومون إلى الصلاة ولا يتوضؤون⁣(⁣١)» فليس فيه أنهم كانوا ينامون نوماً يزول معه العقل، ولا يمكن أن يدعى فيه العموم؛ لأنه فعل يقع على وجه واحد، وليس لأحد أن يقول: إنكم قد قلتم: إن من كان كذلك لا يقال: إنه نائم؛ لأنا لا ننكر أن يقال ذلك توسعاً وإن أنكرنا أن يقال ذلك حقيقة.

  وبهذا التأويل ندفع سائر أخبارهم المروية في هذا الباب، ونرجح أخبارنا وتأويلنا بالحظر والاحتياط.

  ويدل على ذلك أنه لا خلاف في أن نوم المضطجع ينقض الطهارة، فيجب أن تنتقض بالنوم على سائر الأحوال؛ والعلة أنه نام نوماً يزيل العقل، ويدل على صحة هذه العلة أنه لو اضطجع ولم ينم هذا النوم لا تنتقض طهارته، فعلم أن الحكم تعلق بالنوم. ونقيسه أيضاً على الإغماء بعلة زوال العقل، ونقيسه أيضاً على سائر الأحداث، فنقول: إن كل ما كان حدثاً في حال الاضطجاع كان حدثاً في سائر الأحوال، فكذلك النوم، والمعنى أنه حدث في حال الاضطجاع.

فصل: [في انتقاض الوضوء بالإغماء والجنون وجميع ما يزيل العقل]

  الذي يقتضيه مذهب الهادي # أن الوضوء ينتقض من الإغماء والجنون وجميع ما يزيل العقل؛ لأنه نبه على أن العلة في النوم هو زوال العقل؛ لأنه قال فيما ينقض الطهارة: والنوم المزيل للعقل، فوجب أن يكون الذي يخرج على مذهبه كما ذكرنا.


(١) أخرجه مسلم (١/ ٢٨٤) بلفظ: كان أصحاب رسول الله ÷ ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون.