باب القول في نواقض الوضوء
مسألة: [في أن كبائر العصيان تنقض الوضوء]
  وقال فيما ينقض الطهارة: وكبائر العصيان.
  وهذا قد نص عليه في الأحكام(١)، وهو مذهب القاسم والناصر وعامة الزيدية، وروي عن جعفر بن محمد # أنه كان يقول: «إن الكذب على الله وعلى رسوله ينقض الطهارة».
  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن شيخاً من الأنصار كان يمر بمجلس لهم فيقول: أعيدوا الوضوء، فإن بعض ما تقولون شر من الحدث(٢).
  وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن علية، عن هشام، عن محمد، قال: قلت لعبيدة: مم(٣) يعاد الوضوء؟ قال: من الحدث وأذى المسلم(٤).
  والذي يدل على ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ ...} الآية [الحجرات: ٢]، وقوله سبحانه: {لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥]، فثبت أن المعاصي تحبط الأعمال، وإحباط الأعمال إنما هو إحباط أحكامها وثوابها؛ لأن أعيانها قد عدمت، وإذا كان الأمر على ما ذكرنا ثبت بطلان طهارة العاصي، فوجب إعادتها.
  فإن قيل: الإحباط يتناول ثواب الأعمال دون سائر أحكامها؛ ألا ترى أن أحكام الشهادة(٥) ثابتة للفاسق، ولا يجب عليه أيضاً إعادة سائر الطاعات؟
  قيل له: الآية تقتضي بطلان جميع أحكامها إلا ما خصه الدليل، فسائر ما
(١) الأحكام (١/ ٦٥).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٢٥).
(٣) في المخطوطات: فيم. والمثبت من مصنف ابن أبي شيبة.
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٢٥).
(٥) أي: شهادة أن لا إله إلا الله. (من هامش المخطوط).