شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في فرائض الأبوين

صفحة 29 - الجزء 6

  أما أن الولد وولد الابن يحجبها عن الثلث فهو مما لا خلاف فيه؛ لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا اَ۬لسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٞۖ}⁣[النساء: ١١]، وأجمعوا على أن ولد الابن يقوم مقام الولد إذا لم يكن ولد.

  وأما حجبها بالإخوة فالخلاف فيه في موضعين:

  ذهب ابن عباس إلى أنه لا يحجبها أقل من ثلاثة إخوة - وذهب سائر الصحابة إلى أنه يحجبها الاثنان منهم فما فوقهما - ويعتمد ظاهر قوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُۥ إِخْوَةٞ فَلِأُمِّهِ اِ۬لسُّدُسُۖ}⁣[النساء: ١١]، ويقول: إن الإخوة اسم للجمع دون التثنية. فيقال له: إن الله تعالى بين حكم الثلاثة، وليس في الآية حكم الاثنين، فليس من رد حكم الاثنين إلى حكم الواحد بأولى ممن رد حكم الاثنين إلى حكم الثلاثة، وقد وجدنا في الأصول ما يدل على أن حكم الاثنين حكم الثلاثة، وذلك أنه لا خلاف أن الأختين بمنزلة الثلاث، وأن حكمهما مخالف لحكم الواحدة؛ لقوله تعالى: {فَإِن كَانَتَا اَ۪ثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا اَ۬لثُّلُثَٰنِ مِمَّا تَرَكَۖ}⁣[النساء: ١٧٥]، وكذلك حكم الاثنين من الإخوة للأم حكم الثلاثة دون حكم الواحد؛ لقوله: {فَلِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا اَ۬لسُّدُسُۖ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِے اِ۬لثُّلُثِۖ}⁣[النساء: ١٢]، وكذلك في الحجب حكم الاثنتين من الأخوات حكم الثلاث دون حكم الواحدة؛ لأن الواحدة تحجب العم عن النصف، والاثنتين تحجبانه عن الثلثين، وكذلك الثلاث، فدل جميع ما ذكرناه على أن حكم الاثنين [من الإخوة]⁣(⁣١) حكم الثلاثة، فإن رد حكمهما إلى الثلاث أولى من رده إلى حكم الواحدة.

  على أن الله تعالى قال: {۞يُوصِيكُمُ اُ۬للَّهُ فِے أَوْلَٰدِكُمْۖ}⁣[النساء: ١١]، ولا خلاف أن حكم الابن الواحد والابنة الواحدة⁣(⁣٢) حكم الجماعة، وكذلك قوله: {وَإِن


(١) ما بين المعقوفين من (هـ).

(٢) «والابنة الواحدة» ساقط من (هـ).