باب القول في فرائض الأبوين
  الإمامية، وأما الناصر فإنه خالف الإمامية في هاتين المسألتين وقال بما نقول به. وروي عن علي # رواية غير مشهورة أنه قال فيهما مثل قول ابن عباس(١)، والرواية المشهورة ما ذكرناه أولاً. وروي عن معاذ مثل قول ابن عباس. فأما سائر الصحابة فقولهم ما حكيناه أولاً عن علي #.
  ووجهه: أنه تعالى قال: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا اَ۬لسُّدُسُ ...} الآية [النساء: ١١]، فجعل للأم الثلث بشرط أن يشتملا على المال، والنصف والربع مما لم يشتملا(٢) عليه وراثة، فوجب أن يكون للأم الثلث بعد النصف أو الربع.
  فإن قيل: قد سمى الله تعالى لها الثلث، ولم يحجبها عنه إلا بالولد والإخوة، فإذا لم يكن ولد ولا إخوة فيجب أن توفى الثلث كملاً.
  قيل له: قد بينا أن الله تعالى جعل لها الثلث مما اشتملا عليه وراثة؛ لقوله: {وَوَرِثَهُۥ أَبَوَٰهُ فَلِأُمِّهِ اِ۬لثُّلُثُۖ}[النساء: ١١]، وإلا لم يكن لقوله: {وَوَرِثَهُۥ أَبَوَٰهُ} فائدة، فلا يلزم ما قلتم.
  فإن قيل: ألستم تقولون: إن لها الثلث وإن لم يكن أب؟
  قيل له: نقول ذلك للإجماع، وإلا فالظاهر يقتضي أن لها الثلث مما اشتملت هي والأب عليه من المال.
  وأيضاً وجدنا للأب ضعف ما للأم إذا لم يكن في الفريضة زوج أو امرأة [ولم يكن ولد، فوجب أن يكون له الضعف وإن كان في الفريضة زوج أو امرأة](٣)، والعلة عدم الولد. وأيضاً لما دخل عليهما النقص مع الولد لم ينتقص حال الأب عن حال الأم، فكذلك إذا دخل عليهما النقص بأحد الزوجين. وأيضاً لم نجد في شيء من الفرائض تفضيل الأم على الأب، فصارت أصول الفرائض شاهدة لقولنا.
(١) أخرج ذلك عنه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٧٤).
(٢) في (هـ): مما لا يشتملان.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).