باب القول في نواقض الوضوء
  ذكرت لولا أن الدليل قد خصه لقلنا: إن جميعه قد بطل.
  وإذا ثبت هذا ثبت وجوب بطلان أحكام الوضوء، إذ لا دليل على أن بعضها ثابت.
  فإن قيل: إذا ثبت أن الثواب مراد بالإحباط لم يجز أن يراد به سائر الأحكام.
  قيل له: عندنا أن اللفظة الواحدة يجوز أن يراد بها المعنيان المختلفان، فلا معنى لهذا السؤال عندنا.
  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا أبو بكر عبدالله بن عبدالملك الشامي، قال: حدثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد الرَّقاشي، قال: حدثنا بدل بن المحَبَّر(١)، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: «كان رسول الله ÷ يأمرنا بالوضوء من الحدث ومن أذى المسلم».
  وإذا ثبت أن أذى المسلم ما لم يكن كبيرة لم تنتقض الطهارة به بالإجماع ثبت أن الناقض منه ما كان كبيرة، فيجب أن يقاس عليه سائر الكبائر.
  واستدل على ذلك أصحابنا بما روي عن النبي ÷ أنه أمر من قهقه في الصلاة بإعادة الوضوء والصلاة(٢)، فقالوا: إنما أمر بذلك من حيث كان الضحك معصية؛ لأن الضحك ليس بحدث؛ إذ لو كان حدثاً لكان لا فصل بين كونه في الصلاة وخارجاً من الصلاة كسائر الأحداث، فإذا ثبت ذلك ثبت أن المعاصي تنقض الطهارة، قياساً على القهقهة في الصلاة الواقعة على سبيل العمد.
  فإن قيل: قولكم هذا يقتضي أن الفاسق لا صلاة له، وأنه(٣) يلزمه إعادتها؛ لأنه أبداً في حكم المحدث حتى يتوب، وهذا خلاف الإجماع.
(١) بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وفتحها، هكذا قيده الذهبي.
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (١/ ٣٠٠).
(٣) في (ب، د): فإنه.