شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الفرائض

صفحة 63 - الجزء 6

  التعصيب؛ لأن الأنثى إذا كانت في منزلة الذكر لم تسقط دون الذكر إلا في التعصيب، فثبت أنه عصبة، وإذا ثبت أنه عصبة صار أولى من ذوي الأرحام ومن ذوي السهام بعد السهام كسائر العصبات.

  فإن قيل: قد قال الله تعالى: {وَأُوْلُواْ اُ۬لْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَيٰ بِبَعْضٖ}⁣[الأحزاب: ٦]، فدل ذلك على⁣(⁣١) أنهم أولى من الموالي.

  قيل له: الشرع قد جعل الولاء بمنزلة الرحم⁣(⁣٢)؛ لقوله ÷: «الولاء لحمة كلحمة النسب».

  وروي أن الآية نزلت حين كان لا يورث من لم يهاجر ممن هاجر، فنسخ ذلك. ويحتمل أن يكون المراد بذلك إذا لم يكن للميت عصبة ولا ذو سهم فيكون ذوو الأرحام أولى من سائر المسلمين، خلافاً لما ذهب إليه زيد وتابعه عليه مالك والشافعي، وهو الأولى أن تحمل الآية عليه. ويحتمل أن يكون المراد به النصرة.

  فإن قيل: روي عن عائشة أن مولى للنبي ÷ مات وترك مالاً فقال النبي: «هاهنا أحد من قرابته»؟ قالوا: نعم، فأعطاه ميراثه⁣(⁣٣).

  قيل له: الحديث يحتمل وجهين: أحدهما: أن القريب جائز أن يكون كان⁣(⁣٤) عصبة.

  والثاني: أن النبي ÷ يجوز أن يكون آثره بما كان هو حقه من المال إحساناً منه وتفضلاً.


(١) «على» ساقط من (أ، ج).

(٢) في (ب، د): قد جعل الولاء أولى من الرحم. وفي (هـ): قد جعل المولى بمنزلة الرحم.

(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٣٢، ٣٣٣) بلفظ: هاهنا أحد من أهل أرضه. وأحمد في المسند (٤٢/ ٢٥٩) بلفظ: هاهنا أحد من أهل قريته. وأخرجه الترمذي بلفظ: انظروا هل له من وارث؟ قالوا: لا، قال: فادفعوه إلى بعض أهل القرية. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٤٠٤) بلفظ: هل له وارث؟ قالوا: لا، قال: أعطوا ماله بعض القرابة.

(٤) «كان» ساقط من (أ، ج، هـ).