باب القول في ميراث ذوي الأرحام
باب القول في ميراث ذوي الأرحام
  إذا مات الرجل وخلف ذوي الأرحام ولم يخلف أحداً من العصبة ولا ذوي السهام خلا الزوجين كان الإرث لذوي الأرحام(١).
  اختلفت الصحابة والعلماء بعدهم في توريث ذوي الأرحام إذا لم يكن عصبة ولا ذو سهام، فذهب علي [#] وعبدالله بن مسعود(٢) وأبو الدرداء إلى توريثهم، وذهب زيد بن ثابت إلى أنهم لا يرثون، وأن المال لبيت المال، واختلفت الرواية عن عمر في ذلك، فذهب عامة علماء أهل البيت إلى توريثهم وإلى القول بالرد، غير القاسم بن إبراهيم # فإنه لم يورثهم ولا يرد(٣)، وجعل المال لبيت المال. وأكثر علماء التابعين قال(٤) بتوريثهم والرد، كالشعبي ومسروق ومحمد بن الحنفية وإبراهيم وغيرهم، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والحسن بن صالح، وأبو نعيم ضرار بن صرد، ويحيى بن آدم، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإسحاق بن راهويه، والحسن بن زياد. وقال مالك والشافعي وأبو ثور بقول زيد بن ثابت، وبه قال الزهري ومكحول.
  واعلم أن الخلاف في توريث ذوي الأرحام والرد على ذوي السهام على وجه واحد؛ لأن أحداً من العلماء لم يفصل بينهما؛ لأن كل من قال بتوريث ذوي الأرحام قال بالرد، وكل من منع توريث ذوي الأرحام منع الرد، فأيهما ثبت ثبت الآخر، وأيهما بطل بطل الآخر؛ لإجماع الأمة على أن حكمهما حكم واحد.
  والحجة لتوريث ذوي الأرحام قول الله ø: {وَأُوْلُواْ اُ۬لْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَيٰ بِبَعْضٖ}[الأحزاب: ٦]، فوجب بظاهر الآية أن يكون بعضهم أولى ببعض في
(١) الأحكام (٢/ ٢٥٣).
(٢) أخرجه عن علي # وعبدالله البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٥٦).
(٣) في (أ، ج): ولا رد.
(٤) في المطبوع: قالوا.