شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ميراث ذوي الأرحام

صفحة 66 - الجزء 6

  جميع الأشياء والأحوال، فوجب أن يكون بعضهم أولى ببعض في الميراث، وهذا بعينه يدل على وجوب الرد؛ لأن بعضهم يجب أن يكون أولى ببعض في فاضل المال من سائر المسلمين، وليس لهم أن يخصوا فيجعلوه في غير الإرث؛ لأنه تخصيص لا دليل معه.

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ اَ۬لْوَٰلِدَٰنِ وَالْأَقْرَبُونَ ...} الآية [النساء: ٧]، فدل على أن للرجال والنساء نصيباً مما ترك أهل القرابة، فدل ذلك على توريث ذوي الأرحام. وروى عن النبي ÷ عدة من الصحابة منهم عمر وعائشة والمقدام بن معدي كرب أن رسول الله ÷ قال: «الخال وارث من لا وارث له»⁣(⁣١)، فصرح بأن الخال وارث.

  فإن قيل: قوله: «لا وارث له» نفى أن يكون وارثاً.

  قال له: ليس ينفي أن يكون الخال وارثاً، وإنما تقديره: الخال وارث من لا وارث له سواه، وروي أن النبي ÷ كان يقول في دعائه: «يا عماد من لا عماد له»⁣(⁣٢)، وتقديره: من لا عماد له سواك.

  على أنه روي مطلقاً عن أبي هريرة عن النبي ÷: «الخال وارث»⁣(⁣٣)، على أن في بعض الحديث: «الخال وارث من لا وارث له، يرثه ويعقل عنه»⁣(⁣٤)، وروي عن واسع بن حبان أن ثابت بن الدحداح توفي وكان أَتِياً - وهو الذي ليس له أصل يعرف - فقال رسول الله ÷ لعاصم بن عدي: «هل تعرفون له فيكم نسباً؟» قال: لا يا رسول الله، فدعا رسول الله ÷


(١) أخرجه عن عمر الترمذي (٣/ ٤٩٢) وابن ماجه (٢/ ٩١٤) وعن عائشة الترمذي (٣/ ٤٩٣) وعن المقدام أبو داود (٢/ ٣٣٢) وابن ماجه (٢/ ٨٧٩).

(٢) أخرجه الديلمي في الفردوس (١/ ٤٥٠).

(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ١٥٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٥٣).

(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٣٢) وابن ماجه (٢/ ٨٧٩) عن المقدام.