كتاب الفرائض
  اعلم أنه عنى بقوله: لابن المعتق المولى الثلث إن كان مات أبوه أولاً ثم مات العبد على تقدير أنه قد علم ذلك أو صح بالبينة، وهو في ذلك خارج عن تقدير ميراث الغرقى وتوريث بعضهم من بعض، وأما إذا التبس فالجواب ما ذكره أخيراً من أن الثلث من تركة العبد بين أولاد السيد للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنا قد بينا في صدر هذه المسألة أن الإماتة تكون مرتين: مرة واحداً بعد واحد، ومرة حين يماتان معاً، والقول الذي يقول فيه: إن الثلث لابن المعتق يؤدي إلى أن تكون الإماتة ثلاثاً، ويؤدي إلى أن يكون التوريث على الأحوال، وذلك خلاف مذهب القائلين بتوريث الغرقى بعضهم من بعض، فوجب أن يحمل ذلك على أن المراد به إذا ارتفع اللبس.
  وذهب بعض المتأخرين من أصحاب أبي حنيفة إلى توريث الغرقى بعضهم من بعض على أصح الأحوال في القياس؛ لأنا لا نتحقق أيهم مات أولاً، فنقول: إنه في حال يرث وفي حال لا يرث، ونجعل له نصف الإرث كما نقول ذلك في العبدين إذا عتق أحدهما والتبس، وكما نقول في الخنثى.
  وهذا وإن كان صحيحاً من جهة القياس فهو قول ساقط بالإجماع؛ لأن المسلمين أحد رجلين: رجل لا يرى توريث الغرقى بعضهم من بعض، فهذا القول عنده باطل، ورجل يرى توريث بعضهم من بعض، فيسلك في العمل الطريقة التي ذكرنا، ولا يقول بطريقة الأحوال، ويرى أنها غير صحيحة، فوجب سقوطه بالإجماع، وثبت أن الطريقة في عمله ما قدمنا ذكره؛ لإطباق القائلين بالتوريث(١) عليها.
(١) في (ب، د): بالتوارث.