كتاب الفرائض
  بالزوجية، والنصف الباقي بالولاء، فصح بما ذكرناه أن القرابتين والسببين بمنزلة الشخصين، فكذلك يجب أن يكون حكم المجوسي في هذا الباب.
  فإن قيل: وجدنا الأخت لأب وأم لا ترث من جهتين؛ لأنها لا ترث ميراث(١) الأخت من الأم.
  قيل له: لأن الإرث يتعلق بالنسب والقرابة أو بالسبب لا بجهات النسب، والأخت من الأب والأم ليس لها إلا نسب واحد وقرابة واحدة، فلم تؤثر فيها الجهات، ألا ترى أن ابني العم لما كان أحدهما أخاً لأم ورث من جهتين لما حصلت له قرابتان؟ فكذلك ما اختلفنا فيه. وليس يؤثر فيما قلناه أن ابن العم الذي هو أخ لأم يأخذ أحد النصيبين غير مقدر، وهو نصيب التعصيب؛ لأن المقدر وغير المقدر في هذا سواء.
  وربما قالوا: إن الله ø لا يجعل الحرام طريقاً إلى القرابتين، فثبت بذلك أن فرض المجوس لم يؤخذ من طريق الاسم. وهذا بعيد لا يقوله من يفهم؛ لأنه إذا جاز أن يجعل الله تعالى الحرام طريقاً إلى القرابة الواحدة جاز أن يجعله طريقاً إلى قرابتين، فما الذي يمنع من ذلك؟ فوضح سقوط ما تعلق به المخالف.
  وقلنا: إن النكاح لا يورث به إلا أن يكون صحيحاً - وهو الذي لو أسلما أقرا عليه في الإسلام - لأنه لا خلاف فيه فيما أحفظ، ولأن الزوجية بينهما غير ثابتة؛ إذ هي باطلة وإن خلينا بينهم وبينها للعهد والذمة كما يخلى بينهم وبين سائر المحظورات التي هي في مذاهبهم مباحة، وإذا بطل التزويج لم يقع التوارث به؛ دليله سائر الأنكحة الفاسدة بين المسلمين، وقد ذكرنا ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه كان لا يورثهم بنكاح لا يحل في الإسلام. وحكى ابن أبي هريرة عن ابن سريج أنه قال: إذا كانت أخته زوجته ورثناها لأنها زوجة؛
(١) في (أ، ب، ج، د): مورث.