كتاب القضاء والأحكام
  ببعض، فإذا تبين له الحق أمضاه، ولقاضي المسلمين من ذلك ما لإمامهم)(١).
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: بعثني رسول الله ÷ إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله، تبعثني وأنا شاب لا علم لي بالقضاء؟ فضرب بيده في صدري ودعا لي فقال: «اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه، ولقنه الصواب، وثبته بالقول الثابت»(٢)، فكل ذلك يدل على أن الحاكم يجب أن يكون عالماً بالكتاب والسنة والاجتهاد وإن لم يدل على أن ذلك شرط في صحة قضائه.
  وقلنا: إن حكم المقلد جائز لأن التقليد هو طريق من قصر عن الاجتهاد، يتوصل به إلى امتثال مراد الله ø منه في فروع الأحكام، كما أن الاجتهاد طريق يتوصل به المجتهد إلى امتثال مراد الله ø منه في ذلك، وكما أن الوحي طريق يتوصل به النبي ÷ إلى امتثال مراد الله ø منه في ذلك، فكما جاز للمجتهد أن يحكم بالاجتهاد مع قصور حاله عن حال النبي ÷ كذلك يجوز للمقلد أن يحكم مع قصور حاله عن حال المجتهد؛ لأن كل ذلك هو تكليف من ذكرنا.
  فإن قيل: من شأن(٣) الحاكم أن يقطع اجتهاد المجتهد(٤)، فكيف يقطع التقليد الاجتهاد مع أنه دون الاجتهاد وأضعف منه؟
  قيل له: لا يمتنع ذلك؛ لأنا بالاجتهاد وخبر الواحد نرفع موجب(٥) العقل؛ إذ نبيح بهما ما حظره العقل، ونحظر بهما ما أباحه العقل، وإن كان كل واحد منهما
(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).
(٣) في (ب، د، هـ): شرط.
(٤) في (ب، د، هـ): أن يقطع الاجتهاد.
(٥) في (هـ): حكم، وفيها: «موجب» نسخة.