شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 121 - الجزء 6

  ببعض، فإذا تبين له الحق أمضاه، ولقاضي المسلمين من ذلك ما لإمامهم)⁣(⁣١).

  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: بعثني رسول الله ÷ إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله، تبعثني وأنا شاب لا علم لي بالقضاء؟ فضرب بيده في صدري ودعا لي فقال: «اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه، ولقنه الصواب، وثبته بالقول الثابت»⁣(⁣٢)، فكل ذلك يدل على أن الحاكم يجب أن يكون عالماً بالكتاب والسنة والاجتهاد وإن لم يدل على أن ذلك شرط في صحة قضائه.

  وقلنا: إن حكم المقلد جائز لأن التقليد هو طريق من قصر عن الاجتهاد، يتوصل به إلى امتثال مراد الله ø منه في فروع الأحكام، كما أن الاجتهاد طريق يتوصل به المجتهد إلى امتثال مراد الله ø منه في ذلك، وكما أن الوحي طريق يتوصل به النبي ÷ إلى امتثال مراد الله ø منه في ذلك، فكما جاز للمجتهد أن يحكم بالاجتهاد مع قصور حاله عن حال النبي ÷ كذلك يجوز للمقلد أن يحكم مع قصور حاله عن حال المجتهد؛ لأن كل ذلك هو تكليف من ذكرنا.

  فإن قيل: من شأن⁣(⁣٣) الحاكم أن يقطع اجتهاد المجتهد⁣(⁣٤)، فكيف يقطع التقليد الاجتهاد مع أنه دون الاجتهاد وأضعف منه؟

  قيل له: لا يمتنع ذلك؛ لأنا بالاجتهاد وخبر الواحد نرفع موجب⁣(⁣٥) العقل؛ إذ نبيح بهما ما حظره العقل، ونحظر بهما ما أباحه العقل، وإن كان كل واحد منهما


(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).

(٣) في (ب، د، هـ): شرط.

(٤) في (ب، د، هـ): أن يقطع الاجتهاد.

(٥) في (هـ): حكم، وفيها: «موجب» نسخة.