شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 122 - الجزء 6

  أضعف من موجب العقل، وكذلك نخص بكل واحد منهما كتاب الله تعالى، ومن مذهبنا أن نسخ كتاب الله تعالى بخبر الواحد كان جائزاً لولا الإجماع.

  على أن تقليد المقلد يستند إلى اجتهاده في تقليد من تقليده أولى، وذلك جهة تغلب في ظنه حكم الحادثة، كما أن الاجتهاد يغلب في ظن المجتهد حكم الحادثة، فقد استويا من هذا الوجه.

  وإنما قلنا: إنه يجب أن يكون ورعاً لأنه لا خلاف فيه؛ ولأنه شرط العدالة في الشهود، وأقل منزلة الحاكم أن يكون بمنزلة الشهود، فما يجب أن يراعى في حالة الشهود يجب أن يراعى في حالة الحاكم والحكام⁣(⁣١).

  وقلنا: يجب أن يكون عفيفاً عن أموال المسلمين للتأكيد؛ لأن عامة أحكامه تتعلق بالأموال، وإلا فالورع يشتمل عليه؛ لأنه لا ورع إلا وهو عفيف عن أموال المسلمين.

  وقلنا: يجب أن يكون حليماً وثيق العقل جيد التمييز لأن بالحلم والعقل وصحة التمييز يمكن التوصل إلى الفرق بين الحق والباطل والصحيح والفاسد؛ لأن من يستفزه الغضب والخفة يضطرب عليه رأيه، وإذا اضطرب رأيه اختل تمييزه، وإذا اختل تمييزه اشتبه عنده الحق والباطل.

  ويؤكد ذلك ما روي عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ أن النبي ÷ قال له: «يا علي، لا تقض بين اثنين وأنت غضبان»⁣(⁣٢)، ولأن صحة التمييز شرط في العدالة، وحكي⁣(⁣٣) عن بعض المتقدمين أنه قال: كنا نستسقي بمن لا تقبل شهادته، أشار إلى أنه كان ورعاً ضعيف التمييز.

  وقلنا: إنه يكون صليباً في أمر الله لئلا يهن ويضعف فيه فيؤدي إلى أن يجترئ


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).

(٣) في (ب، د، هـ): «حكي» بدون واو.