كتاب القضاء والأحكام
  القوي على الضعيف والشريف على المشروف، وقد قال الله تعالى: {يُجَٰهِدُونَ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَٰٓئِمٖۖ}[المائدة: ٥٦]، وروي أن النبي ÷ قال(١): «إياكم(٢) والإقراد»، قالوا: يا رسول الله، وما الإقراد(٣)؟ قال: «يكون أحدكم(٤) أميراً أو(٥) عاملاً فتأتي الأرملة واليتيم والمسكين فيقول: اقعد حتى ننظر في حاجتك، يتركون مقردين لا تقضى لهم حاجة، ويأتي الرجل الغني أو الشريف يقعده إلى جنبه فيقول: ما حاجتك؟ قال: حاجتي كذا وكذا، فيقول: اقضوا حاجته، وعجلوا بها»(٦).
  وإذا كان الرجل صليباً في أمر الله أمنت هذه الأحوال من جهته.
  فمتى استكمل هذه الخلال كان كاملاً، وإن نقص منها شيء كان ناقصاً.
  قال: ويجب على القاضي أن يتعاهد من يقدم إليه(٧) من البلدان فيفصل أمره، ولا يطيل احتباسه(٨).
  وذلك أن الضرر عليهم في ذلك يكثر؛ لأن الغريب ليس كالقاطن فيما يلزمه من المؤن، فلذلك خصه، والحاكم منصوب لدفع الضرر والأذى عن الناس، فيلزمه أن يتوقى ما يدخل الضرر عليهم. على أن فصل أمر(٩) القاضي(١٠) أيضاً
(١) في (ب، د، هـ): وروي عن النبي ÷ أنه قال.
(٢) في (أ، ب، ج، د): إياك.
(٣) يقال: «أَقْرَد الرجل» إذا سكت ذلاً، وأصله أن يقع الغراب على البعير فيلقط القِردان فيقر ويسكن لما يجد من الراحة. (نهاية ٤/ ٣٦).
(٤) في (أ، ب، ج، د): أحدهم.
(٥) في (ب، د): وعاملاً.
(٦) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٦/ ١٠٨).
(٧) في (ب، د، هـ): عليه.
(٨) الأحكام (٢/ ٣٥٥).
(٩) «أمر» ساقط من (هـ).
(١٠) كذا في المخطوطات، ولعلها: القاطن.