باب القول في نواقض الوضوء
  وروى الأوزاعي، عن يحيى [بن أبي كثير]، عن أبي سلمة(١)، عن أم سلمة: «أن رسول الله ÷ كان يقبلها وهو صائم، لا يفطر ولا يحدث وضوءاً»(٢).
  وروي عن عائشة أنها طلبت النبي ÷ ليلاً، قالت: فوضعت يدي على صدر قدمه وهو ساجد يقول كذا وكذا(٣).
  فلو كان ذلك ينقض الطهارة لم يمض النبي ÷ في سجوده.
  وهذه الأخبار كلها قد دلت على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء.
  فإن قيل: إن الذي رويتموه من القبلة والمس يجوز أن يكون كان والثوب حائل بين النبي ÷ وبين عائشة، وهو فعل لا يمكن ادعاء العموم فيه.
  قيل له: إن ذلك صرف للحديث عن ظاهره، وذلك أن من قبل خمار المرأة لا يكون قبلها على الحقيقة، وإن جاز أن يقال: قبَّلها على سبيل التوسع والمجاز، وكذا إذا مست المرأة الثوب الذي على صدر قدم الرجل لا يقال: إنها مست صدر قدمه إلا على المجاز، ولا يجوز صرف الخبر عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل، وعلى ما بيناه لا حاجة بنا إلى ادعاء العموم فيه، فلا يقدح فيما ذكرناه تعذر ادعاء العموم؛ إذا قد بينا أن ظاهر الخبر يقتضي أنه لم يكن بين النبي ÷ وبينها ثوب حائل.
  فإن استدلوا لصحّة مذهبهم بقول الله تعالى: {أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ}[النساء: ٤٣].
  قلنا: الملامسة عندنا هي الجماع دون اللمس باليد.
(١) في المخطوطات: عن يحيى بن أبي سلمة. والمثبت هو الصواب.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٨/ ٣٩٨، ٣٩٩) وأخرجه الطبراني في الأوسط (٤/ ١٣٦) بلفظ: «كان رسول الله ÷ يقبل ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءاً».
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٣٥٢) والترمذي (٥/ ٤٠٢).
(*) في صحيح مسلم: يقول: اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.