شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 167 - الجزء 6

  قيل له: ذلك اقتطاع في الظاهر ما لم يرد ما هو أقوى من اليمين، فإذا ورد ما هو أقوى بطلت اليمين وزال ذلك الاقتطاع، ألا ترى أنه لو أقر بعد اليمين كان ما ذكرناه؟ فكذلك إذا أقام المدعي البينة. على أن الاقتطاع ليس ظاهره التملك، كما أن قاطع الطريق لم يتملك، والقاطع قد⁣(⁣١) يكون ظالماً، فلا صحة في هذا، وأيضاً البينة إذا قامت صارت اليمين كاذبة، فوجب أن يبطل حكمها مع البينة.

مسألة: [في بينة المدعي وقد قال للحاكم: حلفه لي على أني أبرئه مما أدعيه فحلفه على ذلك]

  قال: فإن كان المدعي قال للحاكم: حلفه لي على أني أبرئه مما أدعيه، فحلفه الحاكم على ذلك ثم أتى المدعي بالبينة لم تقبل ولم يحكم بها⁣(⁣٢).

  وهذا قد ذكر نحوه عن مالك على ما حكيناه قبل هذه المسألة من قوله: إنه إن⁣(⁣٣) كان رضي باليمين وترك بينته واستحلفه على ذلك فلا حق له.

  ووجهه: قول الله ø: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}⁣[المائدة]، والمدعي قد عقد له ذلك، وقوله ÷: «المسلمون عند شروطهم»، والمدعي قد شرط ذلك، فاليمين بعض حق المدعي، فكما أنه لو رضي باستيفاء بعض حقه وأبرأه من الباقي صح ذلك كذلك إذا رضي باستيفاء اليمين وإبرائه مما ادعى عليه يجب أن يصح ذلك، وكذلك الشفيع إن قال: إن لم آتك إلى وقت كذا فقد أبرأتك من الشفعة صح ذلك، وكذلك ما قلناه.

  فإن قيل: هذا يكون كالبراءة على الأخطار، كأن يبرئه إن جاء المطر، أو قدم فلان.

  قيل له: ليس ذلك جارياً هذا المجرى، بل هو جارٍ مجرى ما قلناه؛ لأنه كالمصالحة على بعض الحق أو ما يتعلق به على ما بيناه.


(١) «قد» ساقط من (هـ).

(٢) المنتخب (٤٩٣).

(٣) «إن» ساقط من (أ، ب، ج، د).