شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 179 - الجزء 6

  مات ولم يكن فرض لها مهراً ولا دخل بها فلا شيء لها، فإذا ثبت الدخول وجب لها مهر المثل لا محالة إذا لم يكن بينة بشيء دون ذلك؛ فلذلك قال: إنه يحكم لها بذلك؛ لأن ذلك يجري مجرى أن يثبت عند الحاكم أنه كان استهلك لها ثوباً قيمته عشرة دراهم في أنه يحكم لها بثمنه، كذلك إذا ثبت الدخول يحكم لها بمهر المثل؛ لأن مهر المثل يجري مجرى قيمة البضع.

  وكذلك الجواب لو كان الزوج حياً وادعي عليه المهر كان القول قولها إلى مهر مثلها؛ للوجه الذي قلنا. وبه قال أبو حنيفة ومحمد، قال أبو يوسف: القول قول الزوج ما لم يذكر شيئاً تافها مستنكراً.

  فإن قيل: إذا احتمل أن يكون قد سمى لها دون مهر المثل فلم قضيتم لها بمهر المثل؟

  قيل له: إن ذلك وإن كان محتملاً فهو خلاف الظاهر، وإذا كان خلاف الظاهر لم يثبت إلا بالبينة، ووجب أن يحكم لها بالقيمة تامة. وأيضاً لا خلاف أن المرأة لا تصدق على أكثر من مهر مثلها، كذلك الزوج لا يصدق إذا ادعى أقل من مهر مثلها، والعلة أنهما ادعيا في المهر خلاف الظاهر، فلم يجب تصديق واحد منهما إلا بالبينة.

  فإن قيل: هلا قلتم: هو⁣(⁣١) بمنزلة مال الخلع إذا ادعى الرجل دون ما تدعيه المرأة في أن القول قوله؟

  قيل له: لأن الخلع ليس يثبت في الظاهر شيئاً معلوماً كما أن الدخول يوجب مهراً معلوماً⁣(⁣٢)، فكان القول قول مدعي الأقل، كما أن رجلاً لو ادعى على آخر ألفاً فأقر المدعى عليه بخمسمائة يكون القول قول المدعى عليه؛ لأنه ليس في الدين شيء ثابت معلوم، وسبيل المهر سبيل ما ذكرناه إذا استهلك رجل على


(١) في (ب، د، هـ): إنه.

(٢) في (ب، د، هـ): كما أن الدخول يثبت شيئاً معلوماً.